«بربّي اكتبوا... اتكلموا...» كلمات بتّ أسمعها كل يوم تقريبا على الهاتف في الجريدة، وفي الشارع. قرّاء ومشاهدون يتذمرون من وابل الاشهار الذي لم تنفك ترجمهم به القنوات التلفزية التونسية كل ليلة منذ ان بدأ شهر رمضان حتى أثناء النوم، قال أحدهم: أصبحت كل أحلامي اشهارا: «ما قرونة» على «شامية» على مواد تنظيف على مشروبات غازية على «آ. دي. آس. آل» (ADSL). هل أكتب مرة أخرى استجابة للقراء والمشاهدين ام «أبلعها» وأسكت ام أفعل مثل ابناء العروي وأطبّق تلك المقولة الشهيرة البائسة «بين المشاهد والتلفزة فلسة». «ياسر اشهار»، قال أحد القرّاء كرهنا «السبوعي» و«سليمان الابيض» و«شوكو»... حتى «ددّو» فنحن نراهم في المسلسلات وفي البرامج وفي الومضات الاشهارية. وفي الماضي كنا نكتب فيتململ المسؤولون في التلفزة وأحيانا يغضبون اما اليوم فلا حياة لمن تنادي (تكتب والا ما تكتبش) أوقفوا برنامج رؤوف كوكة في ثالث يوم من رمضان دون أن يطلب منهم أحد ذلك (المشاهدون بطبيعة الحال) ولم يوقفوا الاشهار لأننا طلبنا منهم ذلك! أليست التلفزة ملكا عموميا؟ هل تأخرنا يوما في دفع معلوم التلفزة بفاتورة استهلاك الكهرباء والغاز؟ اعتقد ان من حقنا المطالبة بإيقاف الاشهار او على الاقل التخفيض منه وحتى ابعاده من داخل المسلسلات لأن ذلك لا يؤثر على المشاهد فحسب وانما على العمل كذلك. إن ما نخشاه بعد هذا الزحف «الجرادي» للاشهار هو ان تتسلل الومضات الاشهارية الى نشرات الاخبار والنشرات الجوية ومن يدري فقد تنتقل العدوى الى هواتفنا الجوالة! لم أكن لأكتب عن الاشهار في التلفزة مرة أخرى لولا مطلب قرّاء «الجريدة» على الاقل تمادي مؤسسة التلفزة في تجاهل ليس ما يكتب عنها في الصحف والمواقع الالكترونية وانما ما يصدر عن المشاهدين من تذمر وتشكيات من كثرة الومضات الاشهارية التي نغصت سهراتهم وحولت أحلامهم الى كوابيس. واذا قالت التلفزة العمومية على الاقل في هذه المرة: لا، فإن ردّنا عليها سيكون دعوة ا& ان يحرمها من نعمة الاشهار ما دامت عمومية.