عرفت برهافة الحس ونبل المشاعر ورقة العاطفة. ومع ذلك كانت، ككل الصحابيات اللواتي تتلمذن في مدرسة النبوة، لا تعرف الخضوع في القول، ولا الهبوط في المستوى، ولا تقبل الضيم والذل، بل كانت شجاعة، ثابتة، مجاهدة، قدمت لبنات جنسها نماذج رائعة في شتى الميادين. • هم الآخرة وهم المصير: أوتيت أسماء بنت يزيد رضي الله عنها فصاحة الكلم، وحسن البيان، وسحر البلاغة، مما جعلها تدعى: «خطيبة النساء». وكانت رضي الله عنها تنوب عن نساء المسلمين في مخاطبة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بهن، وقد أتته ذات مرة وهو بين أصحابه الكرام رضي الله عنهم فقالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أنا وافدة النساء إليك،وإني رسول من ورائي من جماعة نساء المسلمين، كلهن يقلن بقولي، وعلى مثل رأيي: «إن الله عز وجل بعثك إلى الرجال والنساء كافة، فآمنا بك واتبعناك. وإنا معشر النساء مقصورات مخدرات، قواعد بيوت، ومواضع شهوات الرجال، وحاملات أولادهم، وان الرجال فضلوا علينا بالجمع والجماعات، وعيادة المرضى، وشهود الجنائز، والجهاد في سبيل الله. وإذا خرجوا إلى الجهاد حفظنا لهم أموالهم، وغزلنا أثوابهم، وربينا أولادهم. أفنشاركهم في هذا الأجر والخير يا رسول الله؟ فالتفت الرسول صلى الله عليه وسلم بوجهه إلى أصحابه، ثم قال: هل سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤالا عن دينها من هذه؟! فقالوا: بلى والله يا رسول الله، ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا. فالتفت رسول الله إليها فقال: «انصرفي يا أسماء، وأعلمي من وراءك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها، وطلبها لمرضاته، واتباعها لموافقته، يعدل كل ما ذكرت للرجال». فانصرفت أسماء وهي تهلل وتكبر استبشارا بما قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم. • مبايعة وطاعة وسرعة استجابة: كانت لها، رضي الله عنها، مواقف مشهودة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي أول من بايع النبي صلى الله عليه وسلم من نساء الأنصار رضي الله عنهن. وكانت تقول:» أنا أول من بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتيته لأبايعه، فدنوت منه وعلي سواران من ذهب، فبصر بصيصها، فقال:» ألقي السوارين يا أسماء، أما تخافين أن يسورك الله بأساور من نار «.قالت: فألقيتهما، فما أدري من أخذهما.» يا لسرعة استجابتها لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتخليها عن زينتها !إنه الصدق في حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاعة أمره. • ذات عقل ودين: عرفت أسماء بنت يزيد بحرصها على سماع أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وروايتها، وسؤاله عما أشكل عليها منها، لتكون على بصيرة في دينها. كانت رضي الله عنها تسأله عن دقائق الأمور لتتفقه في دينها فقد كانت قوية الشخصية لا تستحي من الحق وبذلك يقول عنها ابن عبد البر «كانت من ذوات العقل والدين». ومن ذلك أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم وعنده عائشة رضي الله عنها، فسألته عن غسل المحيض؟ فقال: تأخذ إحداكن ماء وسدرتها، فتطهر بها فتحسن الطهور..» الحديث رواه البخا ري.