المنصف بن فرج :(عضو اللجنة المركزية للتجمع الدستوري الديمقراطي) مفخرة للشعب... وامتداد لسيادة الوطن يحق للتونسيين، أينما كانوا، داخل تراب الوطن أو خارج الحدود أن يباهوا الأمم والشعوب الأخرى بعراقة أصالتهم وتمسّك كل الأجيال، على مدى القرون، بالهوية، الدالة على مدى العلاقة التي تجمعهم وتشد عراهم الى بعضهم البعض، ذلك أن تعاقب الحضارات على أرض تونس لم تكن عنصر تفرّق التونسيين، أو تشتت عاداتهم وتقاليدهم، واختلاف لغتهم أو دينهم، أو تنكرهم لرموز الثقافة أو لأساطين العلوم والآداب والفكر بصفة عامة، ممّن تداولوا على هذه الأرض الطيبة، خاصة أولئك المصلحين والزعماء والمناضلين الذين كانوا غيورين على البلاد، محافظين على هوية شعبهم، عاملين على أن تكون تونس دولة حرة مستقلة، ذات سيادة، متماسكة، متضامنة، يفتخر أبناؤها وبناتها بانتمائهم الجغرافي والتاريخي واللغوي والديني لهذه الرقعة من العالم، رغم وجود تونس في موقع استراتيجي على احدى ضفاف البحر المتوسط، على مقربة من أوروبا، وفي أقصى الشمال الافريقي، بل لعلّ امتياز تونس وكافة التونسيين كان ومايزال في مقدرتهم على التأقلم مع كل المتغيرات والتعايش مع كل الشعوب، والانصهار في بوتقة الحضارة، دون أن تذوب شخصيتهم او تضيع هويتهم في متاهات التيارات الفكرية القريبة منهم. وقد عمل رجال الفكر والاصلاح في تونس، منذ الفتح الاسلامي، على أن تظل بلادنا نقطة اشعاع، متفتحة على الشعوب الأخرى، منتصرة لهويتها، حتى عندما احتلت فرنسا أرضنا، سنة 1881، وجدت شعبا غاضبا على البايات، ناقما على الدّخيل، فهبّ المفكرون من الشباب يبثون الحمية في صفوف الشعب ويجمعوا الكلمة حول النخبة كي يقاوموا المحتل ويحصلوا على الاستقلال تأكيدا لسيادة هذه الأرض وإعادة للاعتبار للهوية ومقوماتها. لقد أفرزت الهوية التي ثبت دعائمها التغيير المبارك حركية ثقافية واجتماعية واقتصادية اضافة الى دورها في تماسك أفراد الشعب والتفاهم حول نظام بلادهم السياسي، وصارت في فكر الرئيس المصلح زين العابدين بن علي تعبيرا عن ذات التونسيين جميعا وتؤكد أنها مرادف للصيرورة ترفض التعصب والجمود، وتقصي نكران الجميل للأجيال الماضية، ذلك أن التغيير عرف كيف يغرس مفهوم الهوية في نفوس أبناء الوطن يبني بها رؤية واعية للعلاقة مع الماضي ويحسن توظيفه واستثماره، من أجل غد أفضل، إذ أن الهوية تمثل مرجعية فكرية في تونس، فالتاريخ ليس حديثا عن الماضي بقدر ما فيه من دروس وعبر رموز وعلامات مضيئة نوظفها خدمة للمستقبل، وقد حرص سيادة الرئيس دوما على إيلاء الهوية ما تستحق من العناية وقد أكد عليها نص الميثاق الوطني وكان أرضية للوفاق بين التونسيين، عند إمضائه سنة 1988، مؤكدا على أن «هوية شعبنا التونسي عربية اسلامية متميزة تمتد جذورها في ماض بعيد حافل بالأمجاد تتطلع الى أن تكون قادرة على مجابهة تحديات العصر».