الى وقت قريب كان الشعر ديوان العرب أو هكذا اصطلح على تسميته لإبراز افتتان الشعوب العربية بالشعر قبل أن يتراجع لحساب الرواية التي اختطفت الاهتمام على طول الخارطة العربية التي تراجعت بدورها لحساب المسلسلات التي احتلت المرتبة الأولى في نسبة المشاهدة في كامل الوطن العربي وخاصة خلال شهر رمضان الذي ودّعناه منذ أيّام. ولكن يبدو أن هذه المسلسلات أصبحت بالنسبة للمشرفين على القنوات التلفزية العمومية والخاصة مجرد مبرّر للاشهار فأصبحت المساحة المخصصة للومضات الاشهارية في بعض المسلسلات أكبر من المساحة التي يظهر فيها الممثلون وهذه سابقة لا نظير لها في العالم. إن «إدمان» الفضائيات العربية على الاشهار يخفي في باطنه ليس تفشّي العقلية الاستهلاكية فقط بل احتقار كبير للمواطن الذي يساهم من خلال الضرائب في العديد من البلدان العربية في الانتاج التلفزي. إن المساحات المخصصة للاشهار في كامل الوطن العربي لا تخضع لأي مقياس وهو ما يدل عن ضمور روح المواطنة أو انعدامها حتى أصبحت حماية المواطن العربي من ارهاب الاشهار مطلبا ملحا من المفروض أن تتجنّد الجمعيات والمنظمات الثقافية في العالم العربي للمطالبة به فرمضان بالنسبة لأغلب الفضائيات العربية لا يزيد عن كونه موسما لاستغلال رغبة المواطن في مشاهدة دراما عربية تشبهه أو تذكّره بأمجاده في زمن يشكو فيه من الاحباط والانكسار الروحي.