ردود فعل متفاوتة أثارها ما نشر عن فتاة ألمانية تدعى دانا ميلاني تبنت دعوة «استخدام أوراق المصحف الشريف كورق تواليت».. صدمة وغضب شديدان انتابا رجال دين وحقوقيين ومثقفين حول ما وصفوه بتعسف وتطرف ضد الإسلام غير انهم اعتبروا ذلك التجاوز فرديا وأنه لا يعبر عن مجموعة الشعب الألماني مطالبين بعض المنفعلين والمتحمسين للرد العنيف بضرورة التروي حتى نكسب مثل هذه المعارك التي هي من تأثير آلة الدعاية الصهيونية المضادة للعرب والمسلمين والتي تنشر سمومها وتجد أرضية لذلك لدى العنصريين الجدد والنازيين الجدد وكل المتطرفين في الغرب. علماء دين اعتبروا هذا الأمر إهانة للإسلام بشكل عام وليس للقرآن، فهو اختبار حقيقى معتبرين هذه القضية اختبارا للمسلمين بشأن قدرتهم فى الدفا ع عن مقدساتهم ومدى استعدادهم لإظهار الصورة الصحيحة للإسلام بأنه دين التسامح والاعتدال والرحمة حيث تصف الدكتورة سعاد صالح الأستاذة بجامعة الأزهر ما قامت به الفتاة بأنه يدل على الحقد الدفين لدى البعض للإسلام حتى وإن تشدقوا بمسألة الحوار بين الأديان وحرية التعبير وما إلى ذلك من مصطلحات مطاطة، مؤكدة ان القرآن كتاب اللّه وهو حافظه من كل سوء، «ولكن دعوة مثل هذه ستتسبب في تمزيق العلاقات بين الحضارات المختلفة، فهذا انتهاك لحرية الآخرين وإهانة لمعتقداتهم».. لكنها ترفض الدعوة بإهدار دم الفتاة واصفة الفتوى التي أطلقها البعض ب«المتسرعة» لأن هناك طرقا أكثر فاعلية من مجرد فتوى بالقتل مشددة على ضرورة تحلي المسلمين بالعقلانية، والتعامل مع الأمر بإيجابية بعيدا عن ردو الأفعال التي نعاني بدورنا منها وقالت صالح: «لا بد لنا جميعا أن نطالب بمحاكمة هذه الفتاة وتجريم فعلتها وإثبات أن هذه الجرائم تؤدي بالضرورة إلى أن يتحول المعتدلون في أي دين إلى متشددين، ويكسب الارهاب مؤيدين جددا مع كل أزمة مثل هذه». ووفقا لما يراه د. أحمد محمود الأستاذ بجامعة الأزهر فإن الحديث فى هذا الموضوع يحقق لهؤلاء الناس مطالبهم في الوصول إلى الشهرة على حساب الدين الإسلامي، وأضاف أن المسلمين والعرب لديهم قضايا أخرى يجب الاهتمام بها وعدم الالتفات إلى إثارة القضايا الانفعالية والاستفزازية رافضا طلب إهدار دمها. واتفق معه فى الرأى د. محمد رأفت عثمان فى ضرورة عدم إعطاء هذا الموضوع أكبر من حجمه حتى لا يكون طريقا للشهرة على حساب الدين الإسلامي، وأضاف أنه لا يجب أن نستغرب من مثل تلك الدعوات المتدنية عندما نسمعها من نازيين جدد يدعون التحضر والذوق الرفيع ولكن حقيقتهم تظهر دائما من خلال أفعالهم. ومن جانبه يرى حافظ أبو سعدة أمين عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن هذا الموضوع لا يستحق أن تتحدث عنه أي منظمة حقوقية حتى لا نعطيه أكبر من حجمه، معتبرا أن هذا التجاوز فى حق الدين الإسلامي نابع من فرد وليس من الدولة الألمانية وانه لا بدّ أن يكون لدينا الوعي الكافي للتعامل مع تلك الاستفزازات. ومن الناحية القانونية أكد المحامي عصام الاسلامبولي أن القانون الدولى لا يحمي الأديان ولكن يحمي الأفراد فقط وفي هذه الحالة هذه الفتاة سبت القرآن الكريم وفي قانونهم لا يمكن رفع دعوى قضائية عليها، وطالب بعدم تعميم هذه القضية على الألمان أو الغرب بشكل عام لأن التعميم يضلل ويعمي ويقود إلى تصادم الحضارات وهذا مرفوض. ومن جانبه أكد ضياء رشوان الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ان ما حدث هو عنصرية ونازية ضد الدين الإسلامى والمسلمين وأن هذه الفتاة لا تختلف كثيرا عن الذي قتل مروة الشريبني. ويعتقد أن ما وراء ذلك هو اللوبي الصهيوني الذي يتزايد بصورة ملحوظة فى ألمانيا، وأكد على ضرورة بحث موضوع مقاضاة هذه الفتاة ويجب أن يوكل بعض المحامين لرفع دعوى قضائية، والأهم من ذلك يجب مخاطبة الرأي العام الألماني بطريقة منطقية حتى نستطيع كسبهم إلى صفنا. وأشار إلى أن كل ما يحدث هو سلوك فردي لا يعبر عن الشعب الألمانى، فلا ننسى أن المستشرقين الألمان هم من ألفوا أهم وأكبر موسوعة عربية وهي دائرة المعارف الإنسانية، وأن المسلمين ليسوا فقط هم الذين يعانون من اضطهاد في ألمانيا ولكن كل الجاليات الأجنبية فى ألمانيا تعاني من نفس الاضطهاد تقريبا.