لم يكن غبار المعركة بين رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني وخصمه الإعلامي والسياسي زعيم المعارضة وولتر فيلتروني يهدأ عقب تجاذبات سياسية وحرب كلامية بين الرجلين حتى عادت من جديد بعد تفجير فضيحة جنسية لرئيس الوزراء الايطالي المثير للجدل. فزعيم المعارضة الذي هزم أمام برلسكوني في انتخابات 2008 ركب موجة الانتقادات والحملة على الأخير، وسيّر منذ أيام قليلة مضت مظاهرة حاشدة شارك فيها مئات الآلاف، والهدف تضييق الخناق على امبراطور المال والاعلام والسياسة أيضا. لا يكاد يمر يوم في إيطاليا برلسكوني، حتى توجه السهام للأخير المتهم بالفساد المالي والإداري والسياسي، وأيضا بالهيمنة على قطاع الاعلام والعمل على اسكات مناوئيه السياسيين، ومنتقديه من الاعلاميين. الحملة التي قادها فيلتروني كما يرى المراقبون كان لها تأثيرها في الدعاوى القضائية ضد برلسكوني والتي انتهت أخيرا برفع الحصانة الدستورية عنه، ما يعني أن «الامبراطور» برلسكوني على حافة «السقوط» على اعتبار أن رفع الحصانة عنه يتيح إعادة فتح ملفات الملاحقات بحقه. يقول برلسكوني ان زعيم المعارضة وحلفاءه واهمون ويصف انتقاداتهم ب«المضحكة» والأكثر من ذلك أنها تهدف إلى تشويه سمعته ونسف مستقبله السياسي. ولا يستبعد رئيس الوزراء الايطالي أن تكون إثارة علاقاته الشخصية وفضائحه الجنسية في عدد من الصحف، حملة منظمة ضدّه يديرها تحالف أحزاب المعارضة اليسارية. وألمح الرجل إلى فيلتروني بوصفه الخصم المهزوم، خصم يسعى إلى الثأر لهزيمته وترميم التصدعات التي أصابت حزبه. كما يعتقد برلسكوني أن قضاة المحكمة الذين أجمعوا على رفع الحصانة القضائية عنه، متورطون في ما أسماها ب«المؤامرة». ويشير «الإمبراطور» إلى أن مساعي خصومه للنيل منه كمن «يحفر في الماء» وان الحملة التي يقودها فيلتروني وحلفه لن تهز عرشه وأنه سيمضي في تسيير شؤون البلاد بطاقم حكومته الحالي. نجم صاعد فيلتروني الإعلامي المحنك وزير الثقافة والنائب السابق لرئيس الوزراء (السابق) رومانو برودي (1966 1998)، اتهم مؤخرا برلسكوني بقيادة إيطاليا إلى الهاوية وبتعزيز اليمين المتطرف، وقال خلال تسييره لمظاهرة حاشدة جابت شوارع العاصمة روما: «إيطاليا ليست برلسكوني».. مسيرة وولتر فيلتروني السياسية تشير إلى أنه «نجم سياسي» يخطو رغم العثرات نحو انتزاع العرش من برلسكوني وعلى أقل تقدير الإطاحة به وفتح المجال مجددا لزعماء اليسار. سبق للرجل أن استقال من رئاسة الحزب الديمقراطي بعد هزيمته في فيفري الماضي، لكنه لا يزال ممسكا بزمام الأمور، ويأمل في عودة قوية إلى الساحة السياسية لكن بعد إزالة «العقبة الكبرى» في طريقه أي برلسكوني. يقول عنه المقربون منه إنه لا يأل جهدا لتصحيح الأوضاع الراهنة، لكن النكسة التي مني بها بعد خسارة فيفري 2009 وقبلها خسارة حزبه في انتخابات أفريل 2008، أعاقت تقدمه. وجد فيلتروني في الهزات التي يتعرض لها خصمه من فضائح أخلاقية (جنس وفساد مالي وإداري واستغلال النفوذ) أرضية ملائمة للعودة إلى الساحة وكسر شوكة خصمه. كل المؤشرات الحالية تجمع على أن وولتر فيلتروني على خطى استعادة هيبته السياسية، في الوقت الذي يضيق فيه الخناق على برلسكوني، والمشهد برمته في قادم الأيام وطبعا حسب ما هو متوقع يختزل صعود نجم سياسي و«سقوط» «الامبراطور» برلسكوني الذي شغل العالم بتصرفاته أكانت في ما يتعلق بحياته الماجنة أو بنفوذه الإعلامي أو ب«دعاباته» السياسية بحق زعماء ورؤساء دول مثل ما صدر عنه بحق الرئيس الأمريكي باراك أوباما وهي تصرفات اعتبرت مسيئة وخارجة عن عرف التعامل الديبلوماسي.