هو في كلمة «عاشق»... عاشق للسلطة وعاشق للمال والاعلام... وعاشق للكرة... والفتيات... والمغامرات... والازمات أيضا... فبعد أن سوى أزمته مع زوجته وحسمها ب«الطلاق»... كادت فضائحه الجنسية ومغامراته مع القاصرات... أن «تطلقه» من الحكم... لكنه «صمد» ورفض السقوط... ولم يكد يقف على قدميه مجددا حتى دخل في أزمة أخرى عاصفة توشك اليوم أن تنهي حياته السياسية... سيلفيو برلسكوني... هو ليس مجرد سياسي ولكنه ظاهرة... ظاهرة ساهم في صنعها الاعلام... والمال... جاء من مدينة ميلانو، قلعة الصناعة في ايطاليا بعد أن بدأ أولى خطواته مع الثروة سمسارا للعقارات يبيع ويشتري المنازل والدكاكين والاراضي الى أن وجد بين يديه مالا يغري بالحصول على الوجاهة... فاختار أسرع الطرق... الرياضة والفن والاعلام... اشترى أول نادي ميلان الرياضي خلال الثمانينات وتزوج من نجمة السينما فيرونيك... وبدأ يزحف على شبكات التلفزيون ومصانع السينما وشركات الاعلان ليتربع بذلك على عرش أكبر امبراطورية للاعلام في تاريخ ايطاليا... هناك حيث أن كل شيء شبيه بمنطق الازياء... موضة تجهض أخرى... حتى في الاعلام وتشكيل الذوق الفني... والسياسي... ب«طعم» «السباقيتي» الايطالية... لكن صناديق الاقتراع شهدت لبرلسكوني أن له «موضة» أخرى حيث أسس حزبا أطلق عليه اسم ايطاليا الى الأمام... ونجح بذلك برلسكوني فعلا... في الذهاب الى الامام في الانتخابات... وفاز بالاغلبية التي أعلنته رئيسا للحكومة وصعدت به على ركام من الشكوك في أصول وأسلوب تطهيرها بدفع الضرائب... لكن أمواج السياسة التي لا تكاد تهدأ في ايطاليا «تلفظه» مجددا من الحكم... ليلقى نفسه مرة أخرى «غارقا» في «بحر» من المشاكل والفضائح التي ركب على «قاربها» خصومه... سعيا الى انهاء ما تبقى من «نفسية» السياسي والقضاء على دوره في الحياة العامة... فألقوا عليه ب«نفايات» التهم بشأن التهرب من دفع الضرائب والفساد المالي... لكن عامين فقط كانا كافيين بالنسبة الى برلسكوني للاستفاقة والنهوض من جديد بعد أن استطاع وتنظيف ثيابه من تلك التهم التي تطلخت به... وساهم المناخ السياسي في ايطاليا وخصوصا ضعف المعارضة وانقسامها... في اخلاء الساحة أمام برلسكوني لتأكيد هيمنته على المشهد السياسي... هناك حتى أن بعض المراقبين وصفوه بأنه أقوى رئيس وزراء في ايطاليا منذ الحرب العالمية الثانية... وبذلك عاد بقوة الى الواجهة مجددا ونجح ببراعة ليس فقط في الوصول الى رئاسة الحكومة بل أيضا في الدوس على خصومه خصوصا من اليسار الذي تمتع بفترة حكم استمرت قرابة 5 سنوات تحت زعامة ماسيموداليما... هذا الشيوعي السابق الذي نزع عن نفسه ثوب البروليتاريا بعد سقوط الشيوعية واستبدله بثياب اليسار الديمقراطي ليضم بين أجنحته كل أولئك الذين ترقبوا فرصة الانقضاض على الحكم نصف قرن بعد سقوط موسوليني... لكن مصيرهم كان في النهاية السقوط على يد برلسكوني... الذي أثبت بدهائه و«براعته» ومراوغاته السياسية أنه يتقن حتى فنون «الكرة»... لكن هل يكسب «المعركة» هذه المرة... أم أنه سينسحب مثل ناديه أي سي ميلان... من دورة مبكرة؟