مرّة أخرى لا نملك إلا أن نضرب كفا على كف على حال بعض الإعلاميين المصريين الذين يتوالدون كالفقاقيع في فضائياتهم ليظهر لنا في كل مرة من يخلط الأمور ويصاب بعمى الألوان فيصبح يخبط خبط عشواء ويكيل بمكائيل مختلة ويرد الماء بدلاء مقعورة لم تسحب معها قطرة ماء واحدة وهو يراها ممتلئة يكاد يفيض من جوانبها ولكن أنى له إدراك خيبة مسعاه وهو يجد من يسانده ويسنده. فاستمرارا ل«الحرب» الإعلامية التي اندلعت رحاها منذ بضعة أيام بين الأشقاء المصريين والجزائريين والتهب سعيرها وحمي وطيسها استعدادا لمباراة منتخبي البلدين بعد زهاء الشهر قدمت قناة «أو تي في» (OTV) المصرية مساء الخميس الفارط حصة رياضية حول هذه المباراة التي يصر البعض على تصوير نتيجتها بأنها ستكون فارقة في مصير الفريقين وقد تحل الساعة مباشرة بعدها متناسين أنها مجرد لقاء ستزول نتيجته مباشرة بعد نهاية المباراة وسيدخل طي التاريخ كما دخلت غيرها وسواء فشلت الجزائر في الترشح أو فشلت مصر فقد فشلا سابقا عديد المرات، لكن ما يهمنا من موضوع هذه الحصة التي بثت في القناة المذكورة والتي تعلق الحديث فيها بين مقدميها وضيوفهم من المصريين بتصوير الجمهور الجزائري على أنه مجموعة متوحشة مفسدة في الأرض ومتهورة في أساليب تقبلها للنتائج السلبية لمنتخب بلادها، وهو كلام مردود على أصحاب البرنامج جملة وتفصيلا لأن الغضب من جني نتيجة سلبية أمر طبيعي لدى الإنسان وأن رد فعل الجمهور الجزائري ولئن كان في بعض الأحيان مبالغا فيه فإنه لا يصدر إلا عن فئة قليلة من المشجعين وهي ظاهرة طبيعية ومعروفة في العالم، قلت إن ما يهمنا أن أحد الإعلاميين المصريين أدخل الجمهور التونسي في خانة الجمهور المتهور الذي يتصرف بشكل غير حضاري ويرد الفعل بعنف عند حصول النتائج السلبية وذلك لمحاولته الإيعاز بأن ظاهرة العنف في الملاعب هي ظاهرة منتشرة ومتأصلة في جماهير بلدان شمال إفريقيا وأيد كلامه بما قال إنه حصل للصحفيين المصريين في مباراة الزمالك أمام النادي الصفاقسي حيث ذكر أنه تم التهجم عليهم كما فبرك قصة أغرب من الخيال بإشاراته أن الجماهير التونسية صنعت رايات كبيرة لفنانات مصريات منهن إلهام شاهين وهنّ شبه عاريات وذلك للسخرية من المصريين والتأثير على اللاعبين، وهو كلام لا يستحق أي رد وعليه العودة إلى كيفية تقبل جماهير النادي الصفاقسي لخسارة فريقهم للقب رابطة الأبطال الإفريقية على أرضية ملعب رادس عندما غادرت الملعب في هدوء رغم أن فريقها كان قاب قوسين أو أدنى من اللقب... والقافلة ستواصل سيرها دون أن تهتم بعواء أي كان...