يحق للشعب الفلسطيني، وقد عانى ما عاناه من جرائم الحرب التي ارتكبها في حقه الكيان الصهيوني، ان يسأل عن مآل اتفاقيات جنيف الأربع، عماد القانون الدولي الانساني. ويحق لهذا الشعب المناضل الواقع تحد الاحتلال منذ اكثر من ستين عاما، ان يسأل عن تطبيقات الاعلان العالمي لحقوق الانسان، ومصير بنود الاعلان امام ما يحدث للشعب الفلسطيني، ولعل اخرها الحرب على غزة ... بدأت التقارير تنشر تباعا، حول ما حل بغزة وبأهل غزة. التي عاش اهلها وماتوا تحت القصف والقنابل الفسفورية واسلحة الدمار المحرمة، وها ان تقريرا جديدا يكشف جرائم الحرب التي ارتكبها الجيش الصهيوني في حق المدنيين ... «العدو الصهيوني نفذ عمليات قتل بحق العديد من الاسرى الذين استشهدوا بعد احتجازهم» هذه هي الجملة المفتاح، التي ارتكز عليها تقرير الحقوقي الفلسطيني نشأت الوحيدي وهكذا تداس بنود اتفاقية جنيف الرابعة، التي مثلت دون شك، محطة ارتكاز يمكن ان يمثل من يخرقها امام العدالة ... و ها أن «اسرائيل» وحدها من يرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، موثقة وبالأدلة اللازمة ولكنها لا تدخل تحت طائلة القصاص. والحقيقة، ليست هذه المرة الاولى، التي يتناهى فيها الى مسامع العالم، بأن اسرائيل قتلت اسرى لديها ، فقد كان الفعل نفسه قد أتاه جنرالات حرب 1967 على مصر، ولكن العالم الحر يفضل اللهث وراء الاشاعة، لكي يدمر انظمة وطنية ناصبته، كاستعمار، كل العداء. فقابلها بالاتهام زورا وبهتانا. فاسرائيل موثّقة جرائمها ضد الفلسطينيين والسوريين والعراقيين والمصريين والأردنيين واللبنانيين، طوال هذه الفترة الزمنية التي تمتد بين سنة 1948 واليوم، لكن العالم لا يريد ان يعترف، الى أن جاء تقرير «غولدستون» حين «شهد شاهد من اهلها» فكان الموقف الغريب الذي رأيناه صادرا من واشنطن وعواصم غربية اخرى، ممن ينظرون الى واقع الاحتلال الذي يعيشه الفلسطينيون، من غربال الصهيونية العالمية وحليفتها الامبريالية. توثيق الجريمة الاستعمارية، هذا هو مقتل كل استعمار وهذا هو الخطر الذي يهدد كل صنوف الاحتلالات من الامريكي الى الصهيوني مرورا بكل من قام بهذه الجريمة في حق شعب او مجموعة بشرية. نعم الصهاينة، يدفنون الجرحى احياء ... جرحى فلسطينيين، كما فعلوا نفس الشيء مع الأسرى والجرحى المصريين والعرب في الحروب السابقة ... اسرائيل يقتل جنودها المحتجزين العزّل، وتدفن الأسرى احياء، وتسرق اعضاء الشهداء من ابناء فلسطين، وكل هذه الاطوار من الجريمة موثقة، لكن المنظمات الحقوقية والامبرياليات الصاعدة والآفلة، تفضل عدم الاكتراث بهذه الاحداث. لان الاهتمام الجدي والعادل بملفات الجرائم المذكورة، يحول هذا العالم الى عالم المدينة الفاضلة ... ونحن نعلم، من خلال ما يقع في فلسطين من جرائم يومية ضد الانسانية، وفقط نظرا لهذا الملف، فان العالم لن يتحول الى مدينة فاضلة ... بل اننا لا نطمح في ان يصبح العالم، اكثر عدلا وأقل ظلما مما هو عليه الآن.