«علّمته الرماية فلما اشتدّ ساعده رماني» ذلك ما ينطبق على العلاقة التي تربط بين ترجي العاصمة (1919) وترجي الجنوب (1934) والتي تكاد تشبه علاقة المعلم بالتلميذ أو الوالد بولده ولكن يبدو أن «الترجي الصّغير» أبي إلا أن يعصف بالأعراف ويتطاول على والده في أكثر من مناسبة. توجد علاقة عضوية وتاريخية بين الفريقين، فقد تأسست الجمعية الرياضية بجرجيس سنة 1934 واطلق عليها اسم «جرجيس الرياضية» ولكن ومباشرة اثر حصول البلاد على استقلالها تغير اسم الجمعية الى «الترجي الرياضي الجرجيسي» وذلك نتيجة تواجد مجموعة من الشبان العكارة بالعاصمة كطلبة، وعمّال وموظفين كان مثلهم الأعلى رياضيا «الترجي الرياضي التونسي» بحكم صلة هذه الجمعية بالحركة الوطنية وهو ما دفع ببعض الشبان العكارة الى تقمص أزياء ترجي العاصمة على غرار محمد خنيسي والطاهر جبنون... وذلك قبل أن يصبح للفريق شأن كبير بداية من التسعينات ويبرز في صفوفه عدة لاعبين مثل الياس السماعلي وبلال لحمر الذي تقمص زي ترجي العاصمة فيما بعد شأنه في ذلك شأن جبنون ومنافق... لكن قبل كل هؤلاء لا يمكن ان ننسى الجوهرة السوداء عبد السلام كازوز... ثراء والد الترجيين وثراء والد العكارة! يبدو أن ترجي العاصمة وترجي الجنوب لا يشتركان هذا العام في الألوان والاسم فحسب وانما أيضا في ثراء الأولياء، فترجي العاصمة والده ليس الا حمدي المدب الذي لا يبخل عليه بأفخم المقتنيات وأرقى الانتدابات ويكره سطوة الآخرين عليه ويرفض ان يسير خلف أحد... أما ترجي الجنوب فيتردد أن والده علي بعبورة ثري جدا ولكن ثراءه وكرمه مع أبنائه لا يكفيان دائما لوضعه على الأكتاف، فالنتائج وحدها تفعل ذلك خاصة عندما تكون الانتدابات «فيها وعليها» ويكون اللاعبون العكارة مجرّد متفرجين على زملائهم الذين ينعمون بالملايين... واقعة رادس لئن انحنى الترجي الصغير لمشيئة والده موسم 20002001 وانهزم برباعية نظيفة كانت قد سبقتها خماسية نظيفة أيضا موسم 19981999 كان مذاقها حنظلا في صفوف العكارة الذين قرروا رد الاعتبار من بوابة رادس بقيادة عكاري في الصميم اسمه لسعد معمّر يوم 22 ماي 2005 عندما ظفر الفريق بكأس تونس للمرة الأولى في تاريخه ونتمنى ألا تكون الأخيرة وأصبحت تلك الموقعة بمثابة «الملحمة» التي يتجمع حولها العكارة ويرددون تفاصيلها في فخر واعتزاز. حافي القدمين اشتهرت الجمعية الرياضية بجرجيس في بدايتها الاولى بلاعب قادم من ليبيا الشقيقة اسمه «سيفاو» يقال انه كان يمتاز بمشاركته في المقابلات حافي القدمين ويرفض ارتداء الحذاء الرياضي المخصص للغرض والغريب في الأمر أنه كان يتغلب على كل أقرانه... فأين «سيفاو» مما ينعم به اللاعبون المنتدبون «الموظفون» عند ترجي الجنوب؟