قد يتطوّر المستوى الفني للممثل وتتعدّد أدواره بتكاثر حضوره التلفزي ولكن ذلك لا يضمن التربع في قلوب الجمهور إن لم يتضمّن ذلك جملة من الصفات الفطرية يتحلّى بها هذا الممثل أو الفنان بصفة عامة كالصدق والتلقائية مما يعكس تواضعا يربط علاقة ودّ متينة بينه وبين ذلك الجمهور فقد تفنى المسيرة الفنية ويبقى جوهر العلاقة التي تضمن للفنان الخلود، وتعتبر دليلة المفتاحي واحدة من اللاتي قطعن شوطا هاما في تلك العلاقة مع الجمهور لا بفضل أدوارها التلفزية وصدق أدائها فحسب بل حازت على مكانة جماهيرية بفضل تلقائيتها وتواضعها كلما التقت بالجمهور.. إلا أن ما ميّز حضور «دليلة» في سوسة مؤخرا من خلال تواجدها في أيام حضرموت لفن الممثل بعرض مسرحيتها الجديدة «القرار» كان مثيرا لاستغراب العديد حيث رفضت حضور حلقة النقاش المبرمجة بعد العرض رغم تواجد وجوه مسرحية معروفة كمنير العرقي، علاء الدين أيوب، كمال العلاوي، رضا بوقديدة، الهاشمي العاتي ومسرحيين هواة وشباب مغرم بالمسرح وبعد إلحاح من أطراف خاصة قبلت الجلوس بين الحاضرين الذين رغم انتظارهم الطويل لها فإنهم أبوا إلا أن يحيّونها بطريقتهم الخاصة والتي ردّت عليها دليلة بكل برود وبقيت صامتة طوال الوقت الذي تخلّله انقطاعها للإجابة على مكالماتها الهاتفية فيها وقتا أكثر من المدة الزمنية التي بقيت فيها بحلقة النقاش والتي التجأت فيها الى التدخين. وبقدر ما تميّزت المخرجة منيرة الزكراوي وبقية الفريق الفني للعمل بالتجاوب والتفاعل الايجابي المتبادل بينهم وبين الحاضرين بقدر ما التزمت مع دليلة بالتصنّع ولم تكلف نفسها حتى أخذ الكلمة لتحية الجمهور المتشوق لمقابلتها ولا حتى لشكر المنظمين على دعوتها.. حضور لم نعهده من هذه الممثلة التي عودتنا بالتواضع المفرط والتقائية الساحرة، خفة الروح الفطرية، نورد ذلك إقرارا منا بأن ما بدر من دليلة قد يكون مزاجا عابرا.