دبي «الشروق» من مبعوثنا الخاص محمد علي خليفة: لم تكن تداعيات الأزمة المالية العالمية غائبة عن حديث الاماراتيين وتفكيرهم وإن حاول المسؤولون التقليل من شأنها والتأكيد ان البلد يتعافى وان المشاريع الجارية ستتواصل بنفس النسق ووفق الأهداف والخطط المرسومة. لكن العلامة الأبرز في هذا الباب ان هذه الازمة مثّلت مناسبة لتعميق التعاون بين أبوظبيودبي أكبر إمارتين في البلد الذي يستعد للاحتفال غدا بعيده الوطني الثامن والثلاثين. وفي إطار هذا الاحتفال كان للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي لقاء مع وفد من نحو 100 صحفي يمثلون عشرات وسائل الاعلام العربية والأجنبية بينها «الشروق» أكد فيه ان ما يتحقق في الإمارات اليوم هو أشبه بالحلم الذي يتحول الى حقيقة، في مسعى واضح الى تهدئة مخاوف كبار المستثمرين من تأثير الازمة المالية العالمية على مشاريعهم في البلد. محمد بن راشد دعا الصحفيين القادمين من 46 بلدا عربيا وأجنبيا الى الوقوف بأنفسهم على ما تشهده الامارات من تطوّر وحركة نشطة في كافة المجالات. وأكد على وحدة الامارات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتنمويا، مفنّدا الادعاءات والأصوات التي تصدر من هنا وهناك حول الآثار السلبية التي تركتها الازمة الاقتصادية والمالية العربية على اقتصاد ومشاريع دبي. وقد كان حاكم دبي صريحا ومباشرا في خطابه حين قال: «إنه ليس عندنا مقولة «ما لله لله وما لقيصر لقيصر» معتبرا ان «كل شيء لله ومن عنده سبحانه وتعالى وكل ما في دبيوأبوظبي هو لدولة الامارات العربية المتحدة وشعبها». كلمات اكدها نائب الرئيس، رئيس مجلس الوزراء الاماراتي بإعلان ثقته التامة بنهوض اقتصاد الامارات من جديد والذي بدأ يتعافى دون الالتفات الى الوراء بل التطلع الى المستقبل برؤية جديدة متفائلة. وأما النقطة الثانية التي تصبّ ايضا في نفس هذا الاتجاه فهي مشاركة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي المكثفة في فعاليات معرض دبي للطيران الذي اختتم اعماله قبل أيام وأبرمت خلاله القوات المسلحة الاماراتية صفقات قاربت الملياري درهم بتمويل مباشر من حكومة أبوظبي وفي ذلك رسالة الى الأسواق الدولية بأن دبي لا تقف وحدها في مواجهة آثار الأزمة الاقتصادية العالمية وأن أبوظبي التي تنتج ما يزيد عن 3 ملايين برميل من النفط يوميا وتملك أرصدة مالية هائلة تقف دائما الى جانب دبي. ولم تكن الرسالة التي وجهها المعرض الى الشركات الأجنبية ال 900 المشاركة في فعالياته هي الأولى التي تصل الى الأسواق الأجنبية فقد استضافت دبي قبل أيام المنتدى الاقتصادي العالمي ونظمت قبل ثلاثة أسابيع مؤتمرا حول الاستثمار شارك فيه عشرات من كبار المستثمرين في العالم، وقدّمت (دبي) تطمينات على لسان حاكمها الشيخ محمد بن راشد الذي خاطب المؤتمر بالقول ان دبي قادرة على الوفاء بالتزاماتها ولاتزال ساحة جذابة للاستثمارات الأجنبية وإنها تشكل بيئة مثالية من حيث مستوى الخدمات والتسهيلات لكل الراغبين في العودة الى المنطقة بعد انقشاع غبار الأزمة الحالية. وتحدّث محافظ البنك المركزي الاماراتي سلطان ناصر السويدي من جانبه عن تأثيرات الازمة المالية على مختلف القطاعات المصرفية والاقتصادية موضحا ان هناك شقين للأزمة، شقّ أول يخص السيولة وشقّ ثان يشمل القطاعات الاقتصادية الأخرى. وأكد السويدي في لقائه بالاعلاميين العرب أن أزمة السيولة انتهت منذ أفريل 2009 وأن قطاع الصناعات التحويلية وهو الرافد الثاني من روافد الاقتصاد الاماراتي بعد قطاع النفط والغاز بدأ يستقرّ فيما لا يزال القطاع العقاري يعاني بعض الصعوبات خاصة أن حلّ مشاكل هذا القطاع يتطلب وقتا طويلا، وهذا أمر تواجهه جميع دول العالم. السويدي أوضح أيضا أن الأسواق العالمية جفّت بشكل مفاجئ فلجأت البنوك إلى البنك المركزي الذي وفر على الفور 50 مليار درهم كحفظ ائتمان قبل أن تبدأ الحكومة الاتحادية في ضخ رؤوس أموال للمؤسسات المصرفية بلغت نحو 120 مليار درهم. هذه التطمينات لم تحجب حالة التراجع الكبيرة التي شهدتها بورصة دبي حيث أعلنت حكومة دبي عجزها في الوقت الراهن عن سداد ديون شركات تابعة لها وهو ما سبّب حالة من الذعر في العديد من أسواق المال العالمية، الأمر الذي قد يستوجب تدخل صندوق النقد الدولي لاحتواء الأمر. وعموما تبدو دولة الامارات اليوم واعية بمدى خطورة تداعيات هذه الأزمة وقد عملت على اتخاذ الاجراءات الضرورية والعاجلة لتجاوز الأزمة في أسرع وقت وسخرت كل طاقاتها لتكريس طابع الوحدة بين الامارات السبع، فبدأ التعافي التدريجي قبل سبعة أشهر واليوم يأمل الاماراتيون أن تأتي الأشهر والسنوات المثمرة بعد السنوات العجاف!