من انتاج شركة مسرح نور بصفاقس احتضن المركب الثقافي محمد الجموسي العرض الأول لمسرحية «الحقيقة» نصها لسمير العيادي واخراج عبد الحميد جليل، تمثيل عيسى حراث والمنصف الوكيل وعلي بن حمدة ورفيق واردة وسعيدة الحامي والتوفيق بوخريص وعبد الحميد جليل. تنفتح المسرحية على جو احتفالي لأسرة جريدة «الحقيقة» بعد أن ارتفعت المبيعات مع قدوم الصحفي الشاب الشاذلي الدايخ الذي يقوده طموحه الى العمل بنية صادقة حتى بلغ رتبة مساعد رئيس تحرير الا ان رغبته في تطوير أركان الجريدة وجعلها في خدمة قضايا القراء وحرصه على تنظيم العمل في قسمي التحرير والحسابات يجعله محل انتقاد من الصحفيين والمحاسبين خشية افتضاح امرهم. ويحاول المدير التأثير على النقاش والمداخلات في اتهام مساعده بالتآمر عليه وتخريب العمل الصحفي المنوط بعهدته. وفي الوقت الذي كانت فيه المؤامرة تكمل دائرتها وتطوق الشاذلي الدايخ تبرز شخصية خيالية في هيئة مسؤول عن ادارة الأخبار فتنقلب الأدوار ويتراجع المدير والصحفيون عن اتهاماتهم ويتحول القدح الى مدح. المسرحية مستوحاة من الجزء الثاني من مسرحية «الرأي العام» للكاتب الروماني «أوريل بارنقا» لمعالجة قضايا اخلاقية في أسلوب هزلي كاريكاتوري وقد التزم المقتبس هذا الأسلوب لنقل المسرحية واخراجها في اطار تونسي تاركا الاشارات السياسية في المسرحية الأصلية ومطورا لبعض جزئيات الحوار لجعله متناسبا مع المجتمع التونسي مضيفا في الآن ذاته «المشهد الأول» لوضع الشخصيات والأحداث في نسق درامي واضح. من الناحية الفنية اعتمدت المسرحية جانب التغريب، لتجعل من المتفرج فاعلا في المسرحية لا مجرد متقبل وهي تقنية اعتمدها المسرحي الألماني «براشت» الذي دعا الى مسرح يخاطب العقل لا العاطفة فنحن ازاء متفرج يتساءل ويحلل وتطلب ذلك مراوحة في الأداء بين الشخص والشخصية. اعتمدت المسرحية الأداء الطبيعي من خلال الديكور والاكسسوارات وادوار الممثلين واعتماد اللهجة العامية القريبة من المتفرج او ما يعبر عنه بالمسرح اليومي. وفي السينوغرافيا اعتمدت المسرحية تفجير الفضاء الواقعي بالغاء الجدران الفاصلة بين المكاتب وهو ما يسمح للمتفرج بمشاهدة احداث متزامنة لأمكنة مختلفة. الاضاءة والموسيقى تم توظيفهما لخدمة القضية الأساسية للمسرحيين بتشريح واقع الصحافة وفضح بعض الممارسات اللاأخلاقية البعيدة عن الصحافة الحقة.