انجزت شركة مسرح النور عملا مسرحيا بعنوان «عجب» من اخراج الحميد جليل انطلاقا من نص للكاتب سمير العيادي الذي كتب العديد من الاعمال ما بين 2003 و2004 المسرحية تمتد على مدى ساعة ونصف الساعة بالدارجة التونسية ويشارك في تجسيد ادوارها الازهر بوعزيزي والشريف الخليقي وتوفيق بوخريص وعلى بن حمدة وسعيدة السراي وعبد الحميد جليل وناجح بن محمود. وتتعرض المسرحية لمجموعة من الشياطين في اجتماعهم الدوري برئاسة زعيمهم الأكبر «إبليس» الذي علمهم السحر «الإغواء»... وخلال هذا الحفل البهيج يسلم زعيمهم لكل منهم منصبه الجديد وحقيبته الديبلوماسية السوداء. ويتلو عليهم جملة من توصياته الرشيدة وتوجيهاته لنشر الفساد في الارض وإغراء النفس البشرية وتحريضها على فعل الموبيقات والمحرمات ويذيقها لذة الطمع والشجع والارتشاء واغرائها بالفسق والمجون. تنتشر هذه الزمرة في جميع اصقاع الارض. ويقوم كل منهم بالمهمة التي اسندت اليه حسب اختصاصه. فمنهم من يختص بإغواء التجار.. مهمته تنحصر في زرع «الترهدين» و»التكربين» في نفوس الموظفين... وينجح كل منهم حسب اجتهاداته وخبرته، وقد تتفاوت نسب النجاح لكل شيطان منهم، عدى صغيرهم شيطان الفلاحين الذي خاب في مساعيه. ومن اجل ذلك تنعقد جلسة طارئة تنتهي بتأديبه ويكون جزاءه العصا... التي تذكي له عقله وتوحي له بالطرق الجهنمية التي كانت غائبة عنه حتى تحير النفس البشرية، وتسلب عقول الفلاحين حتى تجعل البعض منهم عبدا في ايدي الشياطين المخزيين. ومع تسارع الأحداث بدا نجاحه متتاليا وخبرته تتسع والرضاء عنه في تصاعد. فالفلاحين الذين فشل سابقا في اغوائهم اصبحوا له طائعين وفي متناول يده. فبعد ان كان الفلاح «العيدودي» يعمل في مزرعته قانعا لكسب قوته وقوت عياله، ويحمد الله على نعمته ويسبح له ويكبر... اصبح اسير الخمرة والطمع والجشع، فبواسطته اصبح يحلل كل ما كان عنده ممنوعا وفسوقا... فالثراء الذي اصبح عليه جعل البعض من جيرانه الفلاحين اللذين انتشوا بلذة خمرته وتذوقوها في سهراته الخمرية يتسابقون لتقديم شواهد اخلاصهم له... مقابل ان يشهدوا له شهادة الزور، كي يحرم زوجته من املاكها لصالحه لأنه يريد الانفصال عنها حتى يتزوج بغيرها من البنات. وهكذا تمرّ وتتسلل الاحداث الغزيرة، في جوها الفكاهي المرحب المفاجآت المتتالية، بأسلوب خيالي ليس له مكان ولا زمان. وحول الرؤية الاخراجية يقول مخرج «عجب» عبد الحميد خليل: «عملنا على البحث في خدمة الشخصيات المسرحية مع جميع الممثلين في اطار اختيار الصورة الكاريكاتورية، والتركيز عليها.. كل ذلك بأسلوب فكاهي يلعب الخيال فيه دورا رئىسيا. المواقف تتطوّر بتطوّر الاحداث، ويتبلور المحور الرئيسي للمسرحية من خلال التركيز على العلاقة بين المواقف ومن خلال الترابط والتداخل بين الشخصيات حتى يبدو تأثيرها في الموضوع واضحا جليا عبر مراحل العرض في تناغم مع المناظر المغربة وألوان الملابس الزاهية والتقنيات المسرحية... وبذلك يتبلور شكل العرض ومضمونة الهادف الذي بنيت على اساسه تركيبة النص الهادف والذي سيعتمد عليها اسلوب الاخراج في جوه الفكاهي التغريبي الإيحائي، من خلال النظرة الاخراجية لهذه المسرحية حتى تنصهر فيه الفكرة الركحية مع الموضوع واعتماد الغناء كعنصر من عناصر الفرجة الشعبية، والتعبير بالرقص عن العواطف والخواطر المكتومة.