حوار وإعداد: فاطمة بن عبد ا& الكرّاي قال «سي أحمد» في حلقة أمس إن فلسفة التعاضد هي خلق توازن بين المساهمين من الفلاّحة الصغار في الوحدات الانتاجية كما نفى أن مفهوم التعاضدية حسب التجربة التونسية ليست له علاقة بما كان عليه الأمر في يوغسلافيا، حيث يعني التعاضد ملكية الدولة... عن السؤال الذي وضعته أمامه الحلقة الماضية حول السبب الاقتصادي من التعاضديات، قال صاحب المذكرات: «هنا، يجب ان نقول، وبكل وضوح إن السبب الاقتصادي الأصلي الذي جعلنا نستعمل هذه الطريقة يكمن في تشتت الملكية أولا، وثانيا يتمثل في حصر الانتاج في القموح فقط... ففي الشمال الغربي أين الأراضي الخصبة، لم يكن هناك حبّة طماطم واحدة...ولم يكن هناك اي انتاج للخضراوات، وكانت (وهي سياسة استعمارية) الأراضي تنتج حصريا الزراعات الكبرى من قموح وغيرها... فيما كان المعمّرون يزرعون الخضر والغلال، بما يكفيهم هم ولاستهلاكهم الخاص في مزارع منازلهم هناك... في الشمال الغربي... لذلك بدأنا بالشمال الغربي وكان التموين (تموين الشمال الغربي) من الخضر والغلال يأتي من بنزرت ونابل وتونس! وقد ارتأينا ان الطريقة التعاضدية تضمن تنويع الانتاج الفلاحي... وتجعل الشمال يكتفي بذاته وأكثر من الخضر والغلال... حينئذ فإن الخلاصة تقول: إن الدوافع الأساسية عندنا كانت مقاومة تشتت الملكية وهو داء عضال في كامل الفلاحة التونسية... والقضاء على التشتت يضمن الزراعات الأخرى المتنوعة الصالحة لتغذية المواطنين... ذلك أننا لم نكن قادرين على توجيه أصحاب الأملاك الصغيرة الى الانتاج السقوي من الغلال والخضر، نظرا لضعف ذات اليد وقلة ذات اليد ونظرا الى أن البنوك ومنها البنك الفلاحي BNA لا يمكن ان تموّل صاحب الثلاثة هكتارات.. سقوي.. بينما التعاضدية كمؤسسة مكوّنة من عدد ما من المواطنين (الفلاّحة) وعندما تتقدم الى البنك بأكثر من مائة هكتار أحيانا فإن القرض يكون مضمونا. ثم انه ومن باب الاحتياط والصدق في هذا الموضوع بالذات لابد وأن نقول بالنسبة للذين لم يدخلوا في التعاضدية إمّا بقرار شخصي او انطلاقا من ان الارض جغرافيا لا يمكن ان تدخل في التعاضدية، شرعنا في تكوين صناديق «للقرض التعاوني»... وهذه الصناديق تموّل الأفراد الذين مهما كان صغر حجم الملك الفلاحي عندهم فإن الأفراد الذين لا يريدون الدخول في التعاضدية أو هم لا يستطيعون ذلك بسبب الوضعية الجغرافية للارض او أنه وبكل بساطة لا يريد ان يدخل ضمن شركة تعاضدية، فله ذلك... ولكن بإمكانه ان يشارك في تنويع الفلاحة عن طريق صناديق «القرض التعاوني» وقد كوّنا من هذه الصناديق بداية الستينات حوالي أربعين (40) صندوقا «للقرض التعاوني». س : هل أن صندوق القرض التعاوني، يمكن أن يقرض التعاضديات؟ قال: «لا»... فالتعاضديات كما ذكرت آنفا، أمرها محسوم مع البنوك...صناديق القرض التعاوني مجعولة للفلاّحين الذين لا يريدون لسبب فنّي أو شخصي أن يدخلوا في التعاضدية... وهذا توضيح ضروري، فهو خلافا لما كُتب من ان صناديق التعاون هي للتعاضديات... في الحلقة القادمة ننطلق من كشف الفلسفة العميقة لمعنى التعاضدية.