كيف يمكن الحفاظ على التماسك الأسري في ظلّ العولمة؟ وكيف يمكن حماية الأطفال والمراهقين من مخاطر الفضائيات والأنترنات؟ وكيف يمكن توزيع الأدوار داخل الأسرة في ظلّ خروج المرأة للعمل؟ وكيف يمكن مواجهة نقص الأبناء وانقلاب قاعدة الهرم السكاني؟ أسئلة عديدة تطرح في الواقع الراهن حيث تواجه الأسرة عديد التحديات وقد حاول المشاركون في الندوة العربية التي نظمتها وزارة شؤون الأسرة والمرأة والطفولة والمسنين أمس بالتعاون مع منظمة الأسرة العربية حول: «التضامن والوئام داخل الأسرة عماد التماسك الاجتماعي». بيئة افتراضية وذكر السيد سالم المكي رئيس المنظمة الوطنية للتربية والأسرة أنه ينبغي التعرف على ملامح الأسرة المقبلة وأن نضع خططا جديدة لتمكين الأسرة من وسائل اقتدار جديدة تمكنها من مواجهة التحديات. وأوضح أن التربية اليوم لا تتأتى من الأسرة كبيئة أولى والمدرسة كبيئة ثانية والمجتمع كبيئة ثالثة فقط بل تنتج عن بيئة رابعة وهي شبكة النات كبيئة افتراضية تؤثر بصورة واضحة على تنشئة الأطفال. وذكرت السيدة رناد يوسف الخطيب رئيسة اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين (الأردن) أن الأسرة تقوم على الحبّ والوئام من خلال الديمقراطية وحبّ الآخرين وهذا لا يكون إلا بمنح حرية المرأة كالتعليم على خلفية أن فاقد الشيء لا يعطيه. واعتبرت أن تونس هي من البلدان الأولى التي أخذت هذه المعطيات بعين الاعتبار حيث تتوفر لدى المرأة حقوق كثيرة. وذكر السيد جمال البحّ رئيس منظمة الأسرة العربية أن القيم الجميلة التي تميّزت بها الأسرة بدأت تتلاشى لذلك تحرص المنظمة على تنظيم أنشطة علمية وثقافية سنويا بجميع الدول الأعضاء وتدرك المنظمة أن المجتمعات العربية تعاني من عديد الاشكاليات حيث نجد 80 مليون أمّي بالعالم العربي و60 مليونا يعيشون بأقل من دولار وحيد وثلثي هذه المجتمعات هم دون متوسط الدخل. وأضاف: «نحن نتعاون مع الحكومات في تنظيم ندوات لتبيان المخاطر المنجرّة خاصة عن استعمال الهاتف الجوال التي تحولت من وسيلة اتصال إلى وسيلة ترفيه وسلب عقول الأطفال. واقترح ضرورة اقحام الأنترنات ببرامج التدريس حتى نتمكّن من اختراقها ونبين للطفل كيفية استغلالها. واعتبر أن التنشئة الاجتماعية أصبحت تحديا في ظل وجود من يريد زرع قيم عكس القيم التي يخطط لها القادة والمسؤولون. وأفادت السيدة مفيدة عباسي مديرة آلية رصد أوضاع الأسرة وأخصائية نفسانية أن الأسرة التونسية لها خصوصياتها ولا يمكن دراستها إلاّ بالنظر إلى جميع الأطراف. وأضافت أن التحوّلات المتسارعة التي يعيشها المجتمع لها تأثير أيضا على الأسرة حيث لم تعد هي الفاعل الوحيد في تنشئة الطفل كما أن طرق وآليات التربية أيضا تغيرت حيث لم يعد الزجر والقمع الوسيلة الفضلى بل الحوار والتفاهم وشرح الأسباب أفضل بكثير من المنع. وقالت: «إن الطفل أو المراهق باستطاعتهما التعرّف على معطيات تندرج ضمن إطار المسكوت عنه وقد تكون المعارف خاطئة وكارثية ولكن الأسرة باستطاعتها تقديم الجانب السلبي لها وإقناع هذه الشريحة بضرورة الابتعاد عنها. وعرجت على آلية رصد أوضاع الأسرة كوسيلة لتنوير السياسات وتصويب الاستراتيجيات الموجهة للأسرة من خلال تكوين شبكة من النظراء موزعة على مستوى وطني. وقال السيد صلاح الدين بن فرج أستاذ علم الاجتماع بتونس: «أمامنا جميعا نحن المجتمعات العربية عديد التحديات بسبب إندراج جميع الأنظمة الاقتصادية في نظام واحد هو نظام السوق حيث أصبحنا مطالبين بأن نسير وفقا لما يتطلبه هذا النظام بتفاعل كل منا حسب درجة تماسكه». وأضاف أن المقاربة التونسية تمنح استقلالية للمرأة والطفل لكن في إطار الأسرة وليس خارجها، وأفاد أن تأخر سنّ الزواج هو بقدر ما يعتقد البعض بأنه تحول سلبي خاصة إذا اقترن بالعزوف فإن الصحيح هو توزيع الفئات العمرية المعنية بالزواج. واعتبر أن الطلاق في تونس ليس ظاهرة بل لا يتعدى حالة طلاق واحدة على 7.9 زيجة وهذا دليل واضح على أن الأسرة التونسية متماسكة عموما.