بمناسبة الذكرى «61» للاعلان العالمي لحقوق الانسان، نظمت مندوبية الثقافة والمحافظة على التراث بأريانة ضمن برنامج منتدى الفكر التونسي لسنة «2009» في حلقته الأخيرة، ندوة تحت عنوان «حقوق الانسان والسيادة الوطنية» الذي كان منطلق مداخلة قدمها الدكتور عبد الله الأحمدي بقاعة منتزه بئر بلحسن تحت اشراف السيد والي أريانة وبحضور جمع من مثقفي الجهة ومبدعيها. قبل ان يفسح المجال للمحاضر رحب السيد عيسى البكوش بالحضور وقدم الضيف، مذكرا بالحلقات السابقة للمنتدى على امتداد سنة ولت، ثم انتقل المصدح للمحاضر الذي مهد لمداخلته بلمحة تاريخية شاملة تعرف بمفهوم حقوق الانسان وبالمراحل الهامة التي مرت بها منذ انطلاقها وقبل ان تترشح عالميا كتجربة ذات ضوابط ومقاييس اساسها الاحترام لسيادة الدول ومنع التدخل في شؤونها الداخلية تحت اي طائل، حتى وان كان الأمر يتعلق باغاثة او مساعدة انسانية، لا يجب ان يتم ذلك بعيدا عن موافقة الدولة المستهدفة وبطلب منها. وبما ان العالم ينقسم الى قوي وضعيف، أشار الأحمدي الى الهيمنة التي تفرضها بعض الدول العظمى على من لديها في احتوائهم مصلحة اقتصادية، وغالبا ما يكون التسلل الى هذه الدول بتعلة الحماية والمساعدة وهي طرق استعمارية متطورة استنبطها هؤلاء لتشريع أعمالهم تحت شعارات انسانية من ضمنها «حقوق الانسان» وكأن شعوبهم تنعم بحريات وسعادة لا حدود لها، وفي هذا الاطار استعرض المحاضر امثلة كثيرة عن بعض التجاوزات التي قامت بها هذه الدول المتبجحة بحقوق الانسان في حق مواطنيها. وقبل أن يختم عرّج الأحمدي على حقوق الانسان في تونس وسيادة الدولة التونسية، والسياسة التي انتهجها الرئيس زين العابدين بن علي لحمايتها وصد أطماع الحالمين، فتونس ترفض الوصاية، في زمن اللاوصاية وهي ليست في موقع أخذ الدروس مثلما قال سيادة الرئيس، وعلاقتها بالدول الصديقة والشقيقة قائم على الاحترام المتبادل، واتفاقياتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تندرج في السياق ذاته. وتبقى تونس بلد الحرية وحقوق الانسان لا تهمّش ولا تقصي ولا تظلم مواطنيها بمختلف شرائحهم مهما كان توجههم العقائدي والفكري والسياسي. بعد انتهاء المداخلة فتح الحوار ليثري ويوسع الموضوع ويبحث في مسائل أخرى راهنة مثل الاستقواء بالأجنبي وما يترتب عليه من تجاوزات وعقاب، وكذلك الاشاعة التي يطلق عليها اصحابها اسم «العودة» وهي فكرة استعمارية الغرض منها تشويه سمعة تونس، لكن تونس في قلوب شعبها المخلص الوفي حرة، مستقلة أبد الدهر لا تطالها الأيدي الآثمة ولا مطامع المتسلقين، منيعة في ظل سياسة سيادة الرئيس زين العابدين بن علي الرشيدة، المتبصرة التي تؤسس الراهن وتستشرف المستقبل وتفتح مجال الابداع والتميز أمام أبناء تونس الأحرار.