نظّم قسم المرأة والشباب العامل والجمعيات التابع للإتحاد العام التونسي للشغل بالتعاون مع مؤسسة فريديريش ايبارت بتونس وفي ضيافة الاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت ندوته الاقليمية الخامسة لمكاتب المرأة العاملة والشباب العامل وذلك يومي 26 و27 ماي المنقضي. وخلال الجلسة الافتتاحية التي ترأسها الأخ المنصف اليعقوبي الأمين العام المساعد للاتحاد وتناول فيها الكلمة كل من الأخ لطفي بالشيخ الكاتب العام للاتحاد الجهوي ببنزرت والأخت منجية الزبيدي منسقة المكتب الوطني للمرأة العاملة والأخ مروان الشريف منسق المكتب الوطني للشباب العامل تولّى الأخ منصف اليعقوبي تحديد الاطار العام لهذه الندوة الاقليمية والأهداف المرجوة من وراء تنظيمها باعتبارها تندرج ضمن الأهداف التي تنشدها المنظمة العمّالية الساعية الى توسيع عملية انخراط الشغالين فيها وانضواء الشبان والنساء منهم على وجه الخصوص تحت لوائها وتأهيلهم لتحمّل المسؤولية في هياكلها من أجل مواصلة المسيرة النضالية لمحمد علي الحامي وحشاد والتليلي.. وقال الأخ اليعقوبي ان هذه الندوة الاقليمية الخامسة التي تجمع مسؤولي مكاتب الشباب والمرأة العاملة في ولايات الشمال والشمال الغربي والوسط جاءت لتشكّل خاتمة لسلسلة من الندوات وتحضيرا للجامعة الصيفية للشباب والمرأة العاملة التي ستنعقد خلال شهر جويلية القادم. دور النقابات في ظل التحولات وتواصلت أشغال الندوة بمداخلة تأطيرية قدمها الأخ نبيل الهواشي تحت عنوان «أي دور للنقابات في ظل التحولات الاقتصادية الراهنة» ومهد المحاضر لمداخلته بتحليل موجز للتحولات الاقتصادية التي يشهدها عالمنا اليوم والمتمثلة في الأزمة المالية التي عصفت بالاقتصادات الغربية وامتدّت لتشمل بقيّة بلدان العالم وانعكاساتها السلبية على التنمية والعمل النقابي. ورصد المحاضر تمظهرات هذه الأزمة باعتبارها حلقة من الأزمة الهيكلية للنظام الرأسمالي العالمي. واستعرض الأطروحات الرأسمالية السائدة التي لا يؤدي تطبيقها الاّ إلى مزيد استفحال الحيف وانعدام العدالة الاجتماعية واستفحال البطالة والفقر. وأشار المحاضر الى أطروحات التيارات الليبرالية والمحافظين الجدد في أوروبا وأمريكا التي تعمل على تحجيم دور الدولة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي واطلاق أيادي رأس المال وتحريره من أية ضوابط تفرضها الدولة على المستثمرين انطلاقا من مقولة ان الرأسمالية قادرة على حل مشاكلها بنفسها وان اقتصاد السوق قادر على تأمين التوازن العام وان الاختلالات التي يشهدها الاقتصاد الرأسمالي ماهي الاّ نتيجة لتدخل الدولة في الشأن الاقتصادي أو النقابات العمّالية... وكانت هذه هي الخلفية التي بررت الهجوم على السياسات الاجتماعية للدولة والخدمات الاجتماعية مثل الخدمات الصحية والتعليم.. ويعتبر التيار الليبرالي ان الخدمات الاجتماعية المجانية التي تقدمها الدولة هي المسؤولة عن العجز في ميزانيتها وان فرض الضرائب على الرأسماليين من أجل تأمين هذه الخدمات هي المسؤولة على ارتفاع الأسعار وتدهور الاستثمار، ويرى أصحاب هذه الرؤية انّ الرأسمالية كانت تحقق التوازن بالتخفيض من الأجور لمواجهة البطالة ولكن تدخل الدولة واحداث منح البطالة ودور النقابات هو الذي عطّل هذه الآلية... ويعتقد هؤلاء ان تخفيض الأجور هو الذي يؤدي الى تخفيض الأسعار وهذا يؤدي بدوره الى ازدهار المؤسسة ومن هنا يتوسع نشاطها وتعمد الى انتداب عمّال جدد... ويعتقد أنّ على الدولة، من أجل المساعدة على عودة هذه الآلية للعمل أن تكسّر شوكة النقابات وان تعود الى دورها القديم الذي كانت تتحمله في عصر بدايات ظهور الرأسمالية اي الإكتفاء بدور الحفاظ على الأمن والتخلّي عن أي دور اقتصادي أو اجتماعي. ويدعو التيار الليبرالي الى ضرورة اعادة توزيع الثروة لفائدة الرأسماليين بإلغاء الضرائب على أصحاب المداخيل الكبيرة ونقل الملكية العمومية إلى القطاع الخاص (أو ما يعرف بالخوصصة) وتعويض الضرائب المباشرة بالضرائب غير المباشرة (الأداء على القيمة المضافة) التي تحمل المستهلكين أي الطبقات الشعبية أعباء تمويل ميزانية الدولة. وتساءل المحاضر: أي دور للنقابات في مواجهة هذه الأوضاع والتصدّي لأخطار العولمة؟ وقال ان دور النقابات لا يمكن تحديده في العملي المطلبي فقط، رغم أهميته وضرورته، ذلك أنّ النقابات معنية بالمناخ السياسي للتنمية وهي مدعوة للنضال من أجل الحق النقابي ومن أجل حرية التفكير والتعبير والتنظيم في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وان من واجب النقابات ان تناضل من أجل حرية الاعلام ومن أجل الممارسة الديمقراطية ومن أجل ترسيخ الحريات ونشر مبادئ حقوق الانسان. وقال انّ المنظمة النقابية لا يمكن ان تنهض بهذه الأعباء اذا لم تكن محصنة داخليا أي أن تسود الممارسة الديمقراطية داخل هياكلها. المجتمع المدني وآليات العمل بعد جلسة نقاشات ثرية تناولت واقع النضال النقابي في العالم وفي تونس في ظل العولمة والأزمة الاقتصادية العالمية وضرورة ايلاء مسألة كسب المزيد من الشبان والنساء لصفوف الاتحاد ومحاربة العزوف عن النضال النقابي وتحمل الشبان للمسؤولية النقابية أكدوا ضرورة ايلاء قضية الحوض المنجمي ما تستحقه من أهمية. وفي نفس السياق جاءت أشغال الورقتين اللتين نشطهما الأخ نوار المعلمي والأخت نعمة النصيري حول موضوع: «المجتمع المدني: المفهوم والأدوار وآليات العمل». تفعيل العلاقة بين النقابات والمجتمع المدني شهد اليوم الثاني للندوة تنظيم مائدة مستديرة شارك فيها عن الاتحاد الأخ عبد الجليل البدوي وعن جمعية النساء الديمقراطيات كل من السيدة سناء بن عاشور، رئيسة الجمعية والأخت حليمة الجويني مسؤولة العلاقة مع مكونات المجتمع المدني، وعن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان الأخ أحمد القلعي عضو الهيئة المديرة. واستعرض الأخ البدوي في مداخلته التطورات العالمية الحالية جعلت اطار التفاوض الثلاثي: الدولة والأجراء وأرباب العمل غير كاف لحل المشاكل المطروحة ومن هنا جاءت ضرورة ربط شبكة من العلاقات بين النقابات ومنظمات المجتمع المدني مثل جمعيات الدفاع عن المستهلك وغيرها وان العلاقات القائمة بينها تستوجب ارساء علاقات متوازنة بينها في اطار منتدى اجتماعي وطني سوف يؤدي تواصل غيابه الى تفاقم الأزمة وانعكاساتها على الشغالين وعلى كل مكونات المجتمع. أمّا السيدة سناء بن عاشور فقد دعت الى إعادة احياء المنتدى الاجتماعي وإلى تقوية اللحمة بين منظمات المجتمع المدني المستقلة والى التضامن مع المنظمات التي تتعرّض للمضايقات وقالت ان من المهم اليوم في سنة الانتخابات التشريعية والرئاسية التركيز على مسألتي الاستقلالية والمواطنة. واستعرض الأخ أحمد القلعي المسار الطويل للعمل المشترك بين منظمات المجتمع المدني المستقلة وخاصة بين الاتحاد والرابطة وقال ان الظروف الصعبة التي تمرّ بها الرابطة لم تمنعها من النضال إلى جانب مكونات المجتمع المدني من أجل تفعيل المجتمع المدني التونسي مؤكدا أنّ الاتحاد العام التونسي للشغل هو بمثابة القاطرة لهذه الحركة.