دعونا «نسرح» في المسرح، وإليكم آخر عرض لآخر وأجدّ مسرحية: فرقة مسرحية هاوية برمجتها وزارة الثقافة والمحافظة على التراث في إطار دعمها لهذا النوع من الفرق للقيام بعرض مسرحي مدعوم باحدى دور الثقافة بالجمهورية. وجاء اليوم الموعود، وسارت قافلة الفرقة باكرا محملة بالديكور والغبطة والسرور، والفرح والحبور بملاقاة الخشبة والجمهور. وحطت ترحالها بعد الظهيرة في تلك الدار التي وجدوها في حالة أشغال ترميم وصيانة. ولا علم لأهلها من المدير إلى الكنّاس وإلى «العسّاس» لا بمجيء الفرقة ولا بالعرض ولا بتاريخ اجرائه، وحتى لا يجوع الذئب ولا يشتكي الراعي تمّت الأمور على أحسن ما يرام بما يرضي الفرقة وربّ الدار. إذ عادت الفرقة فرحة مسرورة محمّلة دون أن تعرض بشهادة عرض من لدن السيد المدير مشكورا. وهي الوثيقة التي تتحصل الفرقة بموجبها على المكافأة المالية من وزارة الاشراف مقابل العرض طبعا. بشهادة شاهد من أهلها دون سواه إطلاقا. وهكذا تمّت الأمور تحت شعار: «باع وروّح» فرحا مسرورا وهو يردّد موّال: أعطوني مسرحا (قطوس في شكارة) أعطيكم شعبا طيب الأعراق. وللموّال بقية عزفا ونوّاحا. الغرابة في الأمر لا تكمن في المدير الذي قدّم الشهادة. ولا في الفرقة التي قبلت الشهادة، ولا في الدوائر المعنية التي اعتمدت الشهادة. وإنما في تفشي هذه الظاهرة في أكثر من دار ولدي أكثر من مدير وأكثر من فرقة إلى أن أصبحت هي في حد ذاتها مسرحية درامية سوداء قاتمة. وهنا يمنحني سؤال شهادة عرضه مجّانا على دائرة التوجيه المسرحي بوزارة الاشراف: ما رأي لجنة التوجيه المسرحي في هذه المسرحية؟ وما حكمهم على حبك عقدتها وعلى قدرة أبطالها المحترفين في «التمثيل علينا» جميعا.