لقد رفّعت المنظمة العالمية للصحة خطر انتشار انفلونزا الخنازير الى الدرجة السادسة قبل الاعلان عنه رسميا وباء عالميا. الوباء استشرى في كل دول العالم وأصبح يهدد حياة الانسان في كل لحظة وحين خاصة ان العدوى تنتشر بسرعة بين الناس ولكن رغم كل هذا فإن خطرا آخر بات يتهدد الانسان في كامل أرجاء المعمورة رغم وعيه بمضاره وادراكه لخطره على صحته الا انه مازال مصرّا على استهلاكه وان الارقام الصادرة عن المنظمة العالمية للصحة حول عدد الوفيات في العالم في كل سنة من جراء التدخين هي أرقام مهولة ومروّعة وللإفادة فقط فإن ثلاثين ألف شخص يموتون من التدخين في العالم سنويا وهو رقم مرشح للارتفاع من سنة الى أخرى. ونحن هنا في تونس وبإذن من سيادة الرئيس زين العابدين بن علي تم الاعلان رسميا على ان تكون سنة 2009 سنة مقاومة التدخين من أجل الحفاظ على صحة المواطن التونسي الذي هو محور العملية التنموية في بلادنا. وقد اتخذت اجراءات حكيمة لهذا الغرض بأن تم فتح اكثر من 24 عيادة مجانية في كامل تراب الجمهورية لمساعدة المدخنين على الاقلاع عن التدخين وقد سجلت هذه المبادرة اقلاع ما لا يقل عن 10٪ من المدخنين عن التدخين بصفة نهائية وهي نسبة محترمة الى حد ما هذا بالاضافة الى الحملات التحسيسية داخل المؤسسات ساهمت هي الأخرى في تشجيع العديد من المدخنين عن الاقلاع عن التدخين. لا أحد ينكر ما للتدخين من أخطار جسيمة على حياة الانسان وهي حقيقة ثابتة علميا ولكن بالرغم من كل هذا فإن معشر المدخنين لا يخجلون من أنفسهم متجاهلين كل هذه المخاطر. التدخين آفة تفتك بالانسان في هدوء وقد استشرت هذه الآفة في صفوف الشباب وبصفة خاصة بين الفتيات والنساء وتطالعنا أرقام مهولة في الزيادة في نسبة المدخّنات وبالرغم من التشجيعات التي وفّرتها الدولة التونسية لفائدة الشباب لممارسة الرياضة بكل أنواعها حفاظا على سلامة أجسامهم من أخطار هذه الآفة الفتّاكة فإن النسبة مازالت في التزايد والارتفاع. وللتصدي لخطر التدخين لابد من تكثيف حملات التوعية داخل المؤسسات التربوية واطلاع الشباب المدرسي خاصة على مضاره من خلال عرض صور بشعة تشخّص الأضرار التي يلحقها التدخين بالرّئتين والجهاز التنفسي عموما بالاضافة الى امكانية الاصابة بداء السرطان عافانا وعافاكم الله مع التأكيد على مخلّفات الادمان على التدخين على كل الاجهزة الاخرى كالمعدة والجهاز التناسلي عند الرجل، كما يؤدي الادمان على التدخين الى ضعف الذاكرة لدى الانسان سواء كان ذكرا أو أنثى. وما نشاهده من ومضات تحسيسية على شاشة التلفزة التونسية او بعض القنوات الاخرى يساعد الى حد كبير على تبصير المدخّنين بخطورة هذه الآفة وبالتالي سيكون لها اسهام فاعل في تشجيع العديد من الاشخاص على الاقلاع عن التدخين. ولمَ لا نبدأ بالأسرة حيث يكثّف الآباء والأمهات من تحسيس الأبناء الذين هم في سنّ المراهقة بخطر التدخين وتشجيعهم على تعاطي الرياضة او أنشطة ثقافية أخرى كالموسيقى والرّسم الخ... وهكذا تتضافر كل جهود الأسرة والمدرسة والشارع وكل وسائل الاعلام من أجل الحد من انتشار هذه الآفة الفتّاكة في مجتمعنا فنصون أجيالنا من خطرها وبذلك نحقق أملا كثيرا في ما كان يراودنا وهو تنشئة جيل سليم جسما وعقلا يمكن الاعتماد عليه في السيّر ببلادنا على درب النماء والتقدم في كل المجالات.