لقي الشاب محمد بن نورالدين التوي البالغ من العمر 20 سنة حتفه مساء السبت الماضي اثر تلقيه طعنات سكين على مستوى الصدر وقد شيع أهالي مدينة الوردانين من ولاية المنستير جثمان الفقيد إلى مقبرة المكان عشية الاثنين. «الشروق» سعت إلى جمع مزيد من التفاصيل حول هذه الجريمة فتحولت إلى بيت عائلة الضحية والتقت والده نوالدين الذي روى لنا أطوار الحادثة منذ بدايتها. قال الأب الملتاع والدموع تملأ عينيه: «لا أصدق إلى حد الآن أنني خسرت ابني ولن أراه إلى الأبد.. محمد هو ابني الأوسط بعد انتصار ورامي وقبل أمينة، وأميمية.. تحصل منذ ثلاثة أشهر على رخصة السياقة وكان يمني نفسه بالحصول على رخصة سياقة سيارة الأجرة ليشتغل على سيارتي الخاصة، وفي ليلة الواقعة تناولنا معا العشاء ثم اصطحب ابن عمه البالغ من العمر 14 سنة وخرج على متن السيارة إلى المقهى حيث يعمل عمه ليعطيه عشاءه ويجلب نرجيلة لعمه الثاني الذي كان موجودا معنا في البيت وفي تلك الأثناء وقبل أن يقفل راجعا إلى المنزل دخل إلى مقر للاعلامية وترك محرك السيارة يشتغل وبداخلها مرافقه وهناك وجد شقيقين وهما من أبناء حينا السكني فدخل معهما في مشادة كلامية جعلت أحدهما يمسك به من يديه فيما استل الثاني سكينا من بين طيات ثيابه وسدد له ثلاث طعنات على مستوى القلب كانت كافية لتزهق روحه على عين المكان.. لقد بلغنا الخبر ونحن نستعد لمواصلة السهرة فخرجنا بسرعة لنستطلع الأمر وكم كان المنظر مفزعا محمد يتخبط في دمائه. لقد اضطررت لنقله إلى المستشفى على سيارتي لكن المنية لم تمهله». وهنا توجهنا لمحدثنا بالسؤال عن الأسباب التي دفعت بالأخوين إلى الاعتداء على محمد فاسترد نورالدين أنفاسه وواصل حديثه بنبرات حزينة.. «قبل ثلاثة أيام من وقوع الحادثة التقى محمد الشقيقين وشقيقهما الثالث في المقهى الذي يشتغل فيه عمه وكان الاخوة الثلاثة قد امتنعوا عن دفع ما عليهم من مستحقات لفائدة النادل مقابل المشروبات التي استهلكوها وقد صادف أن حضر ابني يومها ما دار بينهم وبين عمه فحز في نفسه أن يرى عمه يهان أمامه فتدخل لنصرته مما جعل الأمر يتطور إلى مشادة كلامية لا غير قبل أن يتدخل الحاضرون ويفضوا النزاع». حادث مرور صمت نورالدين للحظات وكأننا به يستجمع أفكاره ثم أضاف: «منذ شهرين تعرض محمد إلى حادث مرور وهو يقود سيارتي وقد نجا بأعجوبة من الحادث حيث خرج منه سليما معافى. وفي المدة الأخيرة أصبحت كثير الخوف عليه ولا أطمئن إلا حين يعود إلى البيت حتى ان زوجتي لاحظت علي خلال الأيام الأخيرة انني أصبحت كثير الصمت والشرود وأنا المعروف بكثرة الحديث والفذلكة.. لا أدري ماذا أصابني بالضبط.. قد يكون إحساس الأبوة بفقدان الابن هو السبب، لقد صدق حسي وها أنا أخسر فلذة كبدي.. كان محمد مقبلا على الحياة محبا كنت أرى الابتسامة دائمة الارتسام على وجهه.. لقد كنت واياه.. نخطط للمستقبل.. كان يحلم بالزواج في سن الخامسة والعشرين وكان يود العمل على سيارة الأجرة لكن أين هو الآن؟؟ لقد أدركه الموت».. كلمات ما كاد ينهيها محدثنا حتى انخرط في موجة من البكاء الحار.. وقبل أن نختم الحديث نطق نورالدين قائلا: «ما كنت أتمنى هذه النهاية لأبناء حي واحد ابني في المقبرة والاخوان في السجن لماذا هذه النهاية؟؟ سؤال قد لا يجد له محدثنا اجابة غير ترسيخ ذكرى مؤلمة لن تفارقه على مر السنين.