[email protected] لو طلب مني أحد أن أصف العام المنقضي لأجبت بلا تردد بأنه عام عادي جدا وإن طلبوا مني الإيغال في وصفه لأضفت بأنه عام الأكاذيب والشعارات دون أي تغير على مستوى التطبيق, إذ بقيت الأمور كما هي عادية جدا ورتيبة جدا.... أحداث كثيرة شهدناها خلال هذا العام المنقضي وتوهمنا أنها سوف تغير مصائرنا ثم رأينا أن لا شيء تغير وأن العام كان عاديا وغارقا في الرتابة والركود. بدأ العام بكلام كثير عن أزمة مالية سابقة له قيل أنها ستعصف بجميع التوازنات وأنها ستقلب الوضع المالي القائم وزاد التهويل والتخويف فآنتحر تجار وابتهج فقراء ثم اتضح أنها أزمة لم تمس من مكانة الأثرياء ولم تنتشل الجائعين من قاعهم وأنها عادية وعادية جدا... و كثر هذا العام الحديث والتخويف من «حمى» قيل أن البشرية لم تشهد مثيلا لها فبدأت حملات الإستنفار و دعوة الناس إلى التخفي و العزلة والفزع وتكديس التلاقيح والأدوية ثم إتضح فيما بعد أن المرض كان مجرد حمى عادية وعادية جدا... وكثر الحديث أيضا خلال العام المنقضي عن قمة «كوبنهاغن» وقال القائمون عليها أنهم سوف يتخذون قرارات تاريخية لحماية المحيط من التلوث والمناخ من الإنحباس الحراري غير أن القمة كانت بلا قرارات وانتهت عادية وعادية جدا... وجاءنا أيضا في هذا العام رئيس أمريكي أسمر اللون ذو أصول إفريقية تفوح منه روائح الإسلام الزكية... ديمقراطي وجريء زادت خطاباته قبل إعتلائه السلطة إقناعا بأن أمرا ما سيحصل إلى درجة تقليده جائزة «نوبل» للسلام قبل شروعه في العمل... غير أن العام انقضى و لم يتخل «أوباما» عن إرث «بوش» فزاد عساكره بأفغانستان وقرع طبول الحرب على «إيران» ولم يتغيّر شيء فالعراق لايزال يتخبط في دمائه وغزة زادت اختناقا والتعذيب لايزال يمارس في السجون الأمريكية بنفس الطرق وبنفس الوسائل ... حقيقة لم يغير العام المنقضي شيئا فالأكاذيب نفسها وطرق الموت نفسها وشعوبنا العربية لاتزال كعادتها تلهث خلف أوهام الحرية والنماء والكرامة...