أقيم ظهر أمس قدّاس بكاتدرائية تونس الكائنة بشارع الحبيب بورقيبة ترحما على روح الأب «ما في» الذي هلك في حادثة حريق معهد الآداب العربية (إبلا IBLA) واحتراق زهاء 17 ألف كتاب منها كتب نادرة يوم الثلاثاء الماضي إلى ذلك تُجري احدى الفرق الأمنية بحثا تحقيقيا في الحادثة لتحديد أسبابها بدقة. وقد حضر القداس عدد هام من الجامعيين والمثقفين التونسيين والمشرفين على الكنيسة وعدد من الأباء والقائمين على معهد الآداب العربية (إبلا IBLA). (Institut des Belles Lettres Arabes). ومن جهة ثانية قالت مصادر عليمة إن التحقيقات مازالت متواصلة لتحديد الأسباب الحقيقية لحادثة الحريق الذي أتى على عدد هام من الكتب والمخطوطات النادرة والمهمّة جدّا، وتعرف المكتبة باسم مكتبة الأباء البيض وتصدر مجلة باسم (إبلا IBLA). وقد أكد مصدر قضائي تقدم الأبحاث الجارية بشأن ظروف الحريق الذي جدّ بتاريخ 5 جانفي 2010 بمكتبة معهد الآداب العربية للآباء البيض «إبلا» بالعاصمة ونتج عنه وفاة أمين المكتبة. وأظهرت عناصر التحقيق، التي تم التوصل إليها استنادا إلى المعاينات المجراة بموطن الحريق وما تلاها من اختبارات فنية، وجود آثار بنزين كانت سببا في اندلاع الحريق. كما تمّ تلقي تصريحات عدة شهود من موظفي المعهد (من ضمنهم احدى العاملات) أفادت أن الهالك أحضر صبيحة يوم الواقعة إلى المكتبة وعاء بلاستيكيا به سائل أصفر، تمّ العثور على بقايا منه مكان الحريق. وأظهر التحقيق ان الوعاء كان يحتوي على مادة البنزين. كما أثبتت التحاليل المخبرية وجود أثر لمادة البنزين على بقايا ثيا الهالك. وأمكن من جهة أخرى تحديد مصدر انطلاق الحريق من المكان الذي عثر فيه على جثة الهالك. يلاحظ من جهة أخرى، حسب تصريحات بعض الشهود، أنه قد ظهرت على الهالك خلال الفترة الأخيرة علامات اكتئاب. وكانت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس قد أذنت بفتح تحقيق قضائي للوقوف على كل ملابسات الحادثة وتفاصيلها لتحديد الأسباب الحقيقية لاحتراق أكبر المكتبات التونسية والعربية، وعهد ممثل النيابة العمومية بالتحقيقات إلى احدى الفرق الأمنية المختصة لتقف أيضا على أسباب وفاة الراهب جيان باتيستا ما في «Gian Battista Maffi» الايطالي، والذي يعمل بالمكتبة منذ سنة 2007. وقد أصدرت النيابة العمومية إذنا بنقل جثة الهالك وعرضها على مخابر الطب الشرعي لتحديد ساعة الوفاة وأسبابها الحقيقية بدقة. وكان الراهب رامون اتشيفيريا «Ramon Echeverria» النائب العام للحبر في تونس والمبشرين في إفريقيا، قد أصدر بيانا أعلن فيه عن وفاة الراهب «ما في» البالغ من العمر 54 عاما وهو أصيل كريمونا بالشمال الايطالي. وتعتبر مكتبة الأباء البيض من أكبر وأهم المكتبات العربية، وتضم أكثر من 34 ألف كتاب جلّها من المخطوطات والكتب النادرة جدا، ويعتمدها جل الباحثين التونسيين وحتى من دول أخرى. وتوجد المكتبة بمعهد الآداب العربية القريب من معقل الزعيم بتونس العاصمة، وهي مؤسسة بحثية علمية تأسست سنة 1926، ويشرف على المكتبة الآباء البيض. ويعتبر حريق المكتبة وجزء من المعهد كارثة علمية بأتم معنى الكلمة، وقد تأثر الجامعيون والباحثون والمثقفون بشكل كبير لهذه الحادثة، التي مازالت التحقيقات جارية لتحديد كل تفاصيلها وملابساتها.