سجّل مركز التوليد وطب الرّضع بالعاصمة (وسيلة بورقيبة سابقا) يوم 7 جانفي الجاري حالة فريدة من نوعها تمثلت في ولادة توأم (إناث) متلاصق على مستوى البطن.. ولم يتسنّ الى حدّ الآن فصلهما عن بعضهما البعض في انتظار ما ستسفر عنه التحريات الطبية الدقيقة الجارية هذه الأيام بنسق حثيث من قبل الفريق الطبي المكلف، باعتبار أن الحالة وصفت بالحسّاسة للغاية، وذلك لتحديد ما يمكن القيام به لفصلهما مع المحافظة على حياتيهما.. وعلمت «الشروق» أن هذه الحالة لم تسجل في بلادنا سوى 3 مرات في السابق. كما أنها من الحالات النادرة في العالم لأن التصاق التوأم فيها يحصل على مستوى البطن والكبد، علما أن عملية الولادة كانت قيصرية وأن حالة والدتهما الآن مستقرة. في حالة جيدة حسب المعاينات والفحوص الأولية بمركز التوليد بالرابطة، يعاني التوأم المذكور من التصاق ظاهر على مستوى البطن بشكل يحتّم عليهما أن يكونا دوما في وضعية اتّكاء على أحد جنبيهما ومقابلين لبعضهما البعض.. وذكر والدهما السيد مكرم ترول في لقاء مع «الشروق» أن الطبيب الذي باشر مراقبة حمل زوجته لم يتفطن للأمر طوال أشهر الحمل، وأضاف أن حالتهما الصحية مستقرة وأن بقية أعضائهما عادية جدا حيث أن لكل منهما يدين ورجلين ورأسا وعينين وأذنين ويحركان أعضاءهما بشكل طبيعي كما يتغذيان أيضا (اصطناعيا داخل محضنة المستشفى) بصورة عادية ويصدران الصوت العادي للرضع وكذلك يتنفسان.. ولم يتسنّ لوالدتهما رؤيتهما حفاظا على حالتها الصحية والنفسية كما أنه لم يقع إعلام والدهما إلا بعد يومين من الولادة.. كبد واحد... المعاينات الطبية الأولية نفسها أفادت أن البنتين التوأم يشتركان في كبد واحد بحكم انفتاح بطنيهما على بعضهما البعض.. حيث أن الالتحام بين البطنين ليس خارجيا بل داخلي إذ أن كل بطن مفتوح على الآخر من جهة الكبد ويرى الأخصائيون أن التفطن الى الالتصاق أثناء الحمل عملية صعبة وتتطلب جهاز كشف (echo) دقيق وطبيب صاحب خبرة طويلة.. الفصل ممكن... لكن تمّ يوم أمس نقل التوأم الى إحدى المصحات الكبرى بالعاصمة لإجراء «سكانار» دقيق على حالتهما ودراسة كل الفرضيات الممكنة لفصلهما في أحد الأيام القادمة عبر عملية جراحية في الخارج، إذ قد يصعب إجراؤها في تونس ومن المنتظر أن يتم اليوم إعلام الأب بنتيجة السكانار وبما سيقع القيام به في الأيام القادمة.. ويقول المختصون إن فصل الرضيعتين عن بعضهما البعض ممكن كما أن تقسيم الكبد المشترك بينهما ممكن إذ أن الكبد ينمو بسرعة وبإمكان كل واحد من التوأمين أن ينمّي كبدا خاصا به تدريجيا.. لكن الاشكال الذي قد يجابهه الأطباء في هذه الحالة لا قدر الله هو فرضية الاشتراك بين الرضيعتين المذكورتين في الشريان الذي ينقل الدم من الجسم الى الكبد ومن الكبد الى الجسم مثلما ذكره ل«الشروق» أحد الأطباء وهذا الشريان لا يمكن تقسيمه بين الرضيعتين عند إجراء عملية الفصل لأن الشريان لا بد أن يؤول الى إحداهما وهو ما يعني وفاة الأخرى. نداء مساعدة قال أب التوأم السيد مكرم ترول إنه لا اعتراض على قضاء الله وقدره خاصة أن التوأم على قيد الحياة وفي صحة جيدة من حيث التنفس والغذاء ومن حيث سلامة بقية الأعضاء.. وأعلمنا أنه سيبذل كل ما في وسعه لإنقاذ فلذتي كبده، لكنه يأمل أيضا في أن تقف كل الأطراف المعنية الى جانبه في هذه المحنة لمساعدته على إجراء عملية الفصل في الخارج، وهي عملية مكلفة حسب ما ذكره المختصون. وعلى هذا الأساس فإنه يأمل في أن يساعده الصندوق الوطني للتأمين على المرض وكذلك أهل البرّ والاحسان فضلا عن مساعدة وزارة الصحة العمومية والأطباء للتنسيق مع الجهات الأجنبية لإجراء العملية في أسرع وقت ممكن. وأضاف أنه يشتغل سائق تاكسي وزوجته عاطلة عن العمل وكلاهما لا يتمتع بالتغطية الاجتماعية ويقطن بمنزل على وجه الكراء وفي كفالته إبنان (9 و12 سنة)..