تتحدث الأوساط المالية في تونس هذه الأيام عن نظام جديد لإطلاق عمليات تحويل الأموال والدفع عبر الهاتف الجوال تمت برمجته منذ أشهر بين أحد أكبر البنوك التونسية وموزعي الهاتف وبعض المؤسسات المختصة في ميدان البرمجيات المالية. وتجدر الإشارة إلى أن هذه العملية تختلف عن الدفع المالي بالهاتف الجوال التي تحدثت عنها «الشروق» في عدد سابق منذ أيام والتي تخص عمليات الدفع الصغيرة لدى صنف من التجار ومسديي الخدمات. أما البرنامج الجديد الذي أطلق عليه باعثوه منذ بضعة أشهر اسم «m-dinar» فيخص العمليات البنكية بمفهومها الواسع عبر الهاتف الجوال. كيف ؟ ونذكر أن هذا البرنامج قد انطلق منذ بضعة أشهر بمبادرة من «فياموبيل» وهي مؤسسة خاصة تنشط في مجال البرمجيات المالية المتطورة، تمكنت من التوصل إلى اتفاق مبدئي مع بنك تونس العربي الدولي وتونيزيانا حول صيغة متطورة للعمليات المالية عبر الهاتف الجوال. ومن الناحية المبدئية أيضا، سوف تقتصر العملية على حرفاء تونيزيانا وبنك تونس العربي الدولي حيث يمكنهم الانخراط مجانا في هذه الخدمة لدى الموزعين المعتمدين خلال لحظات، يتلقى بعدها الحريف رسالة هاتفية تتضمن رقما سريا لإمضاء العمليات المالية. بعدها يمكن للمنخرطين إجراء عدد متنوع من العمليات المالية مثل دفع الفواتير والشراء من الفضاءات التجارية الكبيرة وتحويل الأموال من حساب المنخرط إلى حسابات أخرى حتى وإن كان أصحابها غير منخرطين في خدمة «m-dinar» أو من غير حرفاء بنك تونس العربي الدولي الشريك الأول في هذا النظام المالي الجديد. ورغم أن التفاصيل التي تم عرضها منذ نهاية شهر ديسمبر عن هذا البرنامج كانت قليلة، فقد أكد السيد صلاح الدين اللجمي المدير العام لبنك تونس العربي الدولي الذي وصف هذا الخدمة بأنها ثورة في هذا الميدان، أن العمولة التي سوف يحصل عليها البنك عن كل عملية عبر هذا النظام ستكون في كل الحالات «معقولة»، وبعض المصادر غير الرسمية تحدثت عن دينار واحد لقاء كل عملية، مع العلم أن هذه الخدمة كانت ولا تزال موضع نظر لدى مصالح البنك المركزي على عدة مستويات منها السلامة في العملية وقيمة العمولة عن كل عملية إذ لا يمكن قانونيا إطلاق العملية دون موافقة البنك المركزي. من بوابة الهاتف والواقع أن تونس شهدت عدة مبادرات للدفع الالكتروني، ربما أولها وأشهرها «e-dinar»، التي تقوم على بطاقة مغناطيسية يمكن تزويدها بالمال وتصلح للدفع الالكتروني عبر شبكة الانترنيت وسحب المال من الموزعات الآلية. ورغم أهمية مثل هذا العرض لمن يحلمون بتفادي الوقوف في صفوف طويلة أمام شبابيك الخدمات المالية فقد ظل رهين دفوعات الطلبة للتسجيل الجامعي عن بعد أي عبر بوابات التسجيل عبر الانترنيت. يضاف إلى ذلك اضطرار حاملها إلى المعاناة في صفوف الانتظار لتزويد البطاقة بالمال، وهو ما يعيدهم إلى ما هربوا منه وهو الانتظار أمام الشبابيك وتمضية وقت ثمين في ذلك. يضاف إلى كل ذلك، هزال عروض البيع أو الخدمات المالية التونسية عبر شبكة الانترنيت بالإضافة إلى المخاوف التقليدية من عدم جدية العمليات المالية عبر الشبكة. كما برزت بعد ذلك عدة برامج للدفع الالكتروني أي عبر الشبكة، سواء كانت شبكة الانترنيت أو شبكة الهاتف الجوال، لكنها لم تلق بعد النجاح المنتظر كما حدث في مجتمعات أخرى. ويقول خبراء «فياموبيل»، المؤسسة التي طورت هذا النظام إن نسبة الانخراط في الهاتف الجوال في تونس تجاوزت 80 بالمائة من الأفراد الناشطين في تونس، فيما لم تتجاوز نسبة الانخراط في شبكة الانترنيت 20 بالمائة من البيوت التونسية. وبذلك فإن إقلاع عمليات الدفع الالكتروني قد تكون أقرب من باب الهاتف الجوال، وهو لا يتطلب معارف خاصة، هذا بالإضافة إلى الآفاق الواعدة للهاتف الجوال من الجيل الثالث الذي يبدو على الأبواب مثل تراسل المعلومات والانخراط بالشبكات بمفهومها الواسع. الدفع الالكتروني لماذا يقول أصحاب هذا النظام إن العملية سوف تعتمد في إطلاقها على تعاون مؤسسة دولية شهيرة في تونس في مجال القروض الشخصية، وأغلب جمهورها من النساء حيث لها 125 ألف مستفيد من قروضها في تونس. وتبعا لهذه المؤسسة، فإن حرفاءها سيتمكنون عبر هذا النظام من إجراء مختلف العمليات المالية من سداد أقساط القروض إلى مختلف العمليات التجارية والمالية بالهاتف الجوال. يأتي بعد ذلك الطلبة والشباب المغرمون بطبعهم بأحدث التقنيات. يضاف إلى ذلك الاحتمال الكبير لانخراط مؤسستي الكهرباء والغاز والماء في تونس في مثل هذه العملية التي لا مبرر لرفضها من حيث المبدإ، ثم محطات البنزين، والفضاءات التجارية الكبرى المتنافسة على الحرفاء. وقد بلغت حدة البرمجة التجارية لدى هذه المؤسسة حد التفكير في التحالف مع موقع «فايس بوك» لتوفير نافذة نحو إجراء العمليات المالية عبر الانترنيت.