استقبل العرب والمسلمون القرن الواحد والعشرين بهواية التساؤل حول كل شيء والفتوى لكل شيء، حتى كدنا نسمع عن السائل عن الخروج من البيت صباحا، هل يجوز له الخروج أم لا يجوز؟ واختصرنا حياتنا كلها في مساحة لا تخرج عن دائرة الحرام والحلال، وكأن أي حركة نأتيها وأي فعل نقدم عليه لا بدّ أن يوزن بميزان الفقه، ولابدّ ان يُنظر إليه من زاوية الشريعة. لكن الحياة هي بلا شك أرحب من كل هذا، وكم من فعل نأتيه (أو حركة نقوم بها) لا هو بالحلال ولا هو بالحرام، فالحلال بيّن والحرام كذلك، ولا يمكن ان يصل السخف بالناس الى التساؤل حول ما لا يدعو الى سؤال، وإلى التفكير حول ما لا يفكّر فيه أصلا، ثم أن يجاري الفقهاء هذا السخف، فيجيبون عن كل سؤال، ويفتون في كل شيء. وقد جاء في جريدة دولية عربية حديث عن فتوى لعلماء أزهريين حول سجود لاعبي كرة القدم بالملاعب (!) اتفقوا فيها على جواز السجود في ربط لهذه الحركة بشكر الله على نعمه وأفضاله (!) وقال رئيس قسم الفقه المقارن في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر ان سجدة الشكر التي تؤدى في الملاعب هي وسيلة من وسائل الدعوة الى الله (!) يقوم بها اللاعبون أمام وسائل الإعلام المرئية لأنها تمثل إحدى شعائر المسلمين حينما ينعم الله عليهم تعالى بنعمة بل وأضاف ان هذا الفعل (السجدة) نهج إسلامي يصل الى أقصى المعمورة ليترجم للناس أحد تعاليم الاسلام. ثم قال: إن هذه الحركة لابدّ أن تثير لدى المشاهد غير المسلم وغير العارف باللغة العربية علامات استفهام عن مدلولها ربّما دعته بعده قناعته لاعتناق الاسلام (!!) إنها رسالة دعوية بالغة العمق! وقال عضو بالمجلس الأعلى للشؤون الاسلامية إن اللعب مسموح به شرعا، وبالتالي فإن هذا الشيء إذا كان من المباحات فإنه يجري فيه مجرى أي نعمة تصيب الانسان، لذا فإنه يحتاج ان يجري فيه مجرى الشكر، فإحراز هدف في كرة القدم إذا كان في اللعب رفع لشأن المسلمين وإثبات لجدارتهم، فلا حرج أن يسجد هؤلاء اللاعبون في الملعب. ومازلنا نسمع.