هذا الشاب الذي يدعى «أبوزيد التونسي» رمى بنفسه الى التهلكة جراء ما اعتقد شخصيا أنه مجرد «تفشليم» لغوي. وقد تسنى لي أن أشاهده على الشاشة فما رأيت الا شابا ظريفا وتلقائيا ومتهوّرا، لكن تهوّر الأطفال الصغار، فكيف لمقاتل يجاهد فيردي ويسبي أن ينتهي (...)
بعد فترة هدوء نسبي عاشته تونس يبدو أن بوادر توتير الأوضاع السياسية بدأت تلوح، وهو ما سوف ينعكس بالضرورة على الأوضاع الاجتماعية وعلى الشارع.
فبعد استفزاز الاتحاد العام التونسي للشغل برفض إدانة ما يسمى بروابط الثورة في أعمال العنف التي حصلت يوم 4 (...)
لا حديث هذه الأيام إلا عن جحافل التونسيين الذين يذهبون إلى سوريا للحرب ضد النظام القائم هناك. وهو نظام في نظر هؤلاء وحسبما رباهم عليه مشائخهم، جمع صفتين تجعلانه هدفا مقدسا: الديكتاتورية والطائفية الشيعية، وهو بذلك الأسوإ والأجدر أن يحمل ضدّه السلاح، (...)
ليس إلا من باب العار أن يروّج بعض الساسة بأن استقلال تونس مشكوك فيه، أو أنه لم يتم أصلا، أو حتى أنه منقوص. ذلك ان هذا الادعاء المخزي لا يراد به بدرجة أولى الا التشكيك في تاريخ الزعيم الحبيب بورقيبة، حتى إن كان ذلك التشكيك لا ينتهي الا بالاعتداء على (...)
منذ سنوات اجتاح بلا موجب حقّ، صيادو أسماك «البحيرة الشمالية» لتونس العاصمة في عملية سطو واضحة، يرمون شباكهم وينهبون أنواع الأسماك الكثيرة الموجودة فيها بلا حسيب ولا رقيب.
والحال أن استغلال البحيرة يعود قانونيا إلى شركة البحيرة الشمالية المناولة (...)
من لم يستوعب ان نداء تونس حزب وجد ليبقى، وليكون مؤثرا فإن عليه أن يراجع حسابات كثيرة ومن يختزل هذا الحزب في ما يشاع من حكايات عن طريقة بعثه، وأسباب ايجاده، وكيفية بنائه، فهو للحقيقة يردّد كلاما سطحيا وفي الغالب متشنجا ينمّ عن عدم دراية.
وهو كلام (...)
لا هذه الحكومة ولا حكومة مكوّنة من أطراف أخرى، هي بالقادرة على إصلاح الأوضاع في تونس، او على إيجاد حلول لمشاكلها المتراكمة أو حتى على بعث الأمل في أناسها. فهذه الحالة من الفرقة بين مكوّنات البلاد، وهذا النفور المتواصل بين مختلف الأطراف، لن يقدرا (...)
يبدو أن المشكلة الأساسية في حركة نداء تونس تتمثل في سعي وجوهه الى قطف ثمار لم تنضج بعد،وفي تحلّقهم حول طاولة طعام قبل أن يحضر الأكل، وقبل أن ينتهي طبخه.
فحزب نداء تونس حزب ظاهرة تمكّن خلال أسابيع من أن يشعّ بدرجة غريبة وأن ينتشر بطريقة لافتة. (...)
عند كل احتفال باليوم العالمي للمرأة، ظلّت نساء تونس تفاخرن بما أنجزن، وتخططن لمكاسب جديدة، ولكن الوضع خصوصا هذه السنة أصبح مختلفا، فالمرأة في تونس يسكنها شعور أنها مهدّدة، ويلفّها اعتقاد أن مكاسبها قد تضيع. وذلك على الرغم من تطمينات تحاول الطبقة (...)
تعيش حركة النهضة حالة من العزلة الداخلية والخارجية وذلك منذ أشهر عديدة، عندما صعّدت من لهجة خطابها السياسي، واتهمت أفرادا وأحزابا بالتآمر ضدها، واقتربت من بعض الجماعات التي تدعو الى العنف وتمارسه. فكانت النتيجة ان تهرأت شعبيتها، وأن نفرت منها (...)
لا أعرف بالضبط ذلك العقل العبقري الذي تفتّق على ضرورة فرض إتاوة على كل من يتجاوز دخله 1700 دينار شهريا. ومن سوء حظ هذا الدماغ الوقاد أنه أعلن في نفس اليوم عن تخفيض تصنيف تونس من طرف مؤسسة «موديز انفستورز» مبشّرة بمزيد الخفض، وذلك بسبب الاوضاع (...)
فرنسا هي الشريك الاول لتونس، وهي الجار الأقرب، وهي البلد الأكثر تأثيرا وتأثرا على تونس، وعلاقاتها مع تونس تكاد أن تكون عضوية، وكل سياسة تجاهها يجب أن تنطلق من هذه الحقائق، وكل ايماء الى الزمن الاستعماري، وكل همز ولمز حوله، إنما هو من باب المزايدة (...)
إذا تركت الأمور في تونس تسير على هذه الشاكلة، فإن الأيام سوف تثبت لكن بعد فوات الأوان ان لا فرق بين سلفي وآخر، وان ما يسمى بالسلفية العلمية ما هي إلا الخطوة الأولى التي تسبق التنظير لكل أنواع التطرف الديني الآخر.
فهي المدرسة الأساسية للغلوّ الفكري (...)
الآن وقد بدأت تنكشف خيوط اغتيال الشهيد شكري بلعيد، فإن سؤالين على الأقل يجب التركيز عليهما الآن:
الأول يقول لماذا لم تشهد تونس بين 14 جانفي 2011 و23 أكتوبر من نفس السنة أي عنف سياسي رغم تشنج الأعصاب، وحقد النفوس، وغليان الدماء؟
والثاني يردّد لماذا (...)
كانت الصورة التي تم ترويجها عن السيد حمادي الجبالي وهو يقبّل جبين رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي مصدرا لتعاليق كثيرة وأيضا حجر أساس لتحاليل عديدة.
وبسبب تلك الصورة أعادت عدة أطراف حسابات وتصوّرات فحمادي الجبالي تحوّل من شاق لعصا الطاعة الى مرشح محتمل (...)
السيد علي العريض شخص يستطيع ان يفكّر ولكن الذي يعوزه هو القدرة على تجسيد أفكاره عمليا، حتى أنه ليبدو أحيانا وكأنه يناقض أفكاره، وهو في حواراته (قبل 23 أكتوبر وبعده) كان يمتلك قدرة على تشخيص الأوضاع، وكان وهو يتحدث يتميّز بالطلاقة، وحتى بصناعة (...)
كشفت الصحف المصرية منذ أسابيع بأن قائد الحرس الثوري الإيراني حل بالقاهرة في زيارة سرية وأنه أمدّ عناصر اسلامية هناك بتجربته في تكوين هذا الحرس الذي انطلق في الأول كميليشية شعارها حماية الثورة ثم أتت زيارة الرئيس أحمدي نجاد إلى القاهرة لتحقق اختراقا (...)
بعد 14 جانفي تعاملت قوى كثيرة مع الأمن مثل الطريدة التي يجب قتلها. وقد التقى في عملية المطاردة جزء من النخبة، وأيضا جحافل من السوقة والرعاع معا. وتحت شعار التطهير عاشت الأجهزة الأمنية ارتباكا شديدا، خصوصا وعناصرها يرون ان قيادات أمنية كبيرة تتعرّض (...)
حتّى ذلك التعريف الذي وضعه عالم الاجتماع والسياسة «ماكس فيبر» حول الشرعية، أصبح متجاوزا بمنطق الزمن والتغيّرات. والشرعية في تعريفها ليست صنما يعبد، أو هيكلا مقدسا لا يأتيه الباطل من الأمام أو الخلف، ومن تحت أو فوق، إنها مفهوم يتمطّط حسب الظروف، وحسب (...)
أزمة تشكيل حكومة جديدة، قادت الى حركية ديبلوماسية غير عادية في تونس، فصاح البعض من المستندين على نظرية المؤامرة بأن التدخلات الأجنبية قد بدأت، وطرح آخرون من باب الحياء السياسي مسألة السفارات الأجنبية وعلاقات الاطراف السياسية بها، ولا يخلو الطرح (...)
إذا كانت حركة النهضة خائفة حقا من توجهات استئصالية تخطط لها او تتمناها قوى معيّنة في تونس، وتهدف الى أن تتكرر مأساتها، فعلى هذه الحركة ان تدرك ايضا أن تلك القوى المتهمة خائفة هي بدورها من استئصالها، وتعتقد ان النهضة وحلفاءها خصوصا في العائلة (...)
اختلطت جميع الأوراق في تونس، وأصبحت كل السيناريوهات ممكنة، لكن داخل هذه الفوضى تتشكل بوادر جديدة لمشهد سياسي قد تأتي بمفاجآت جمّة.
وبما أن نجم السيد حمادي الجبالي رئيس الحكومة والأمين العام لحركة النهضة، هو البازغ هذه الأيام، وإن كان الرجل يتصرف في (...)
لم يتعوّد التونسيون على الاغتيالات السياسية، ورغم ذلك فهم يشمئزون منها ويشعرون بالقرف تجاهها ويجعلون من الشخص المغتال أسطورة. وليس أدل على ذلك من تعاطف التونسيين الكبير مع شخص السيد رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان الأسبق.
أما عن الشخصيتين التونسيتين (...)
الجيش هو الذي يحمي «الثورة». كثيرا ما ترددت هذه الجملة على شفاه السياسيين كلما تلبدت في أفق تونس السحب الداكنة وانفلت فيها الشارع وعادت الثورات الى أوضاعها الأمنية.
لكن هذه الجملة أصبحت حمّالة لعدة معان ليس لأن مفهوم الثورة هو ذاته أصبح يحتاج الى (...)
تعاملت حركة النهضة بارتباك شديد مع مبادرة أمينها العام السيد حمادي الجبالي، واعتبرت في مرحلة أولى ما قام به الرجل عملية أطلقت قنبلة لا حلا يطفئ نارا. ومفاجأة وتّرت حزبا لم يكن ليتصوّر أن شق عصا الطاعة عليه ستكون بهذا الحجم وبمثل تلك السرعة. لقد ذهلت (...)