كان مشروعا إعلاميا غريبا.. كان.. يتابع نشرات الأخبار على عشرات القنوات.. لا تفلت منه نشرة جوية.. يحدّق في كل البرامج الحوارية.. يراقب الوجوه والقدود وكان متخصصا في الفضائيات العربية.. الأخبار لا تعنيه حتى إذا اندلعت حرب أو أطلقت قذائف كلامية.. والمواقف المصرح بها أو المسرّبة بين السطور والكلمات أو تحت «الطاولة».. لا تهمّه.. المحتوى الاعلامي والسياسي والايديولوجي قضية لا تخصّه.. همّه الوحيد كان المحتوى «التشكيلي».. كان مراقبة الاشكال أو بالأحرى أشكال «الأشكال» أي مظهر نجوم التلفزيونات العربية ونجماتها.. يصرّ، إلحاحا، الى الآن على مراقبة أزياء النجوم وحجم ربطة العنق.. وكذلك ملابس النساء التلفزيونيات لرصد السباق الخفيّ القائم بينهن وهو سباق تنخرط فيه المشاهدات (والمشاهدون). كان يرصد نسبة المساحيق على وجوه النساء والرجال (رجال التلفزيون يعتمدون على الماكياج أيضا).. ويتحسّس الأضواء والظلال والألوان الدافئة والباردة وتسريحات الشعر ومستوى «الجال» ويحدّق في العيون بحثا عن ألوان وعدسات في صلب الموضوع أو خارجة عنه.. وكان أيضا يتفحّص اللّحي ويقيسها ويصوّر الأحجبة والعمائم.. كان يقول ان الرسائل التي تصل المشاهد من الاشكال وأشكال «الأشكال» لا تقلّ أهمية عن فحوى الأخبار والمواقف.. وبرامج التلفزيون بالنسبة إليه معرض تشكيلي متغيّر.. وعرض دائم للأزياء.. كان يبحث عن الألوان «المهيمنة» و«الاشكال» السائدة.. وعن علاقة محتملة بالجملة أو بالتفصيل.. بين المحتوى السياسي.. والمحتوى التشكيلي.. كان يعمل على فرضيات عديدة منها أنه على ضوء المحتويات والقضايا والهموم.. تكون «الأشكال» والنجوم بأزياء وألوان مختلفة وتكون الحقائق «من غير هدوم».. وماذا عن الصحافة المكتوبة؟.. كان لسان حاله يقول جوابا.. لهم تشكيلهم ولنا.. «أشكالنا».. وفي الواقع ومهما اختلفت لا تخلو المحتويات.. من «الاشكال».. ولا نقدر على فرض معنى واحد لكل شكل..