عكس ما كان متوقعا، لن يتم اليوم الشروع في التطبيق الزجري والرّادع للأمر القاضي بمنع التدخين في المقاهي والمطاعم والحانات. وقد يتواصل «التأجيل» خلال الاسابيع او الاشهر القليلة القادمة خاصة بالنسبة لبعض المقاهي «الشعبية» التي لا يمكن الحديث فيها عن تقسيم المحل لمكان مدخنين وآخر لغير المدخنين. صحيح أن أمر منع التدخين يدخل حيّز التنفيذ اليوم لكن الواقع يفرض مزيد التأجيل لأن المهلة التي حدّدت (6 أشهر بداية من 18 سبتمبر 2009) لم تكف للاستعداد الفعلي والتّام لذلك «رغم اشتغالنا طوال الستة أشهر الماضية ليلا نهارا بالتعاون مع أهل المهنة ومع مختلف الاطراف المتدخلة... لكن تلك حدودنا... وسنواصل على النسق نفسه في قادم الايام لتحقيق الغاية المرجوّة في أقرب وقت» على حد ما ذكره الدكتور هيثم مڤنّم منسق الحملة الوطنية لمكافحة التدخين خلال لقاء اعلامي جمعه بالسيد مصطفى حبيب التستوري رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المقاهي صنف 1. وأكد المتحدّثان على أن الغاية الأساسية من أمر منع التدخين في الأماكن ذات الاستعمال الجماعي ليست ردع المدخّن أو ردع صاحب المقهى أو المطعم الذي «تشتعل» فيها سيجارة وتخطئتهما ماديا، بل الهدف هو حماية غير المدخّن من مضار التدخين... أما حث المدخن على الاقلاع عن هذه العادة السيئة فذلك شأن آخر ليس من مشمولات القانون ولا من مشمولات أصحاب المقاهي والمطاعم والحانات بل تقوم به أطراف أخرى عبر التحسيس والتوعية والمساعدة الطبية على الاقلاع. استجابة... ودفاع... «المهنة لم ترفض مبدإ الحماية من مضار التدخين، مثلما تم تداوله، لكن في المقابل لا تقبل التلاعب بلقمة عيش أصحابها والعاملين فيها فتقسيم المقهى وتركيز عوازل وآلات شفط الهواء مكلف ماديا... وحرمان المقاهي من حرفائها المدخنين له وقع مادي سلبي أيضا... ولابد من مرونة في التطبيق»، يقول حبيب التستوري مضيفا أن المهنيين تعاملوا مع التوجه بكل مسؤولية، لأن الامر يهم الصحة العامة لابناء الوطن، وعبّروا عن استعدادهم للمساهمة في مكافحة التدخين عبر فتح أبواب محلاتهم للمختصين الصحيين حتى يأتوا على عين المكان ويحسّسوا كل مدخّن في مقهى أو مطعم بمضار التدخين ويقوموا بعيادات طبية داخلها، فضلا عن قبولهم بتركيز لافتات داخل المحلات للتحسيس. وتحدّث رئيس غرفة المقاهي عن استجابة عدّة مقاه اليوم لمقتضيات الأمر من خلال تقسيم المحلات وتركيز آلات لشفط الهواء أو من خلال منع التدخين تماما (خاصة بالنسبة للمشارب الصغرى) «وهذا ما يُبيّن حُسن نوايا المهنيين» على حد قوله، غير أن محلات أخرى لم تقدر الى حد الآن على الاستجابة لأسباب عديدة (مادية وواقعية) وهو ما اقتضى مزيد امهالها. بلا اشكال هذه الاستجابة للامر من بعض أصحاب المحلات بقدر ما كانت في البداية صعبة بقدر ما استحسنوها فيما بعد لأن في التقسيم مزايا عديدة منها جلب أصناف جديدة من الحرفاء (غير مدخنين عائلات نساء)... وهذا ما يعني حسب الدكتور هيثم مڤنم أن تطبيق مقتضيات أمر منع التدخين سيكون بلا اشكال بالنسبة لبعض أصناف المقاهي والمطاعم والحانات. فالمشرب الصغير من حيث المساحة لن يكون من مصلحته تخصيص 15م2 للمدخنين ولن يجد أي عذر لعدم تطبيق القانون... والمقاهي الشاسعة وقاعات الشاي الفاخرة لن تجد أي عذر للامتناع عن التقسيم أو عن تركيز شافط هواء، ونفس الشيء بالنسبة للمطاعم الصغرى والكبرى أو المطاعم السياحية... «وهذه المحلات ستكون مجبرة على تطبيق أمر منع التدخين تدريجيا خلال الفترة القليلة القادمة، غير أن المقاهي الشعبية التي تقل مساحتها عن 100م2 ستجد اشكالات حقيقية وهو ما سيقتضي مزيد امهالها...» يقول السيد هيثم مڤنم. مساعدة «الشعبية» سيقع بداية من اليوم تركيز لجان جهوية ومحلية بكامل أنحاء البلاد للنظر في وضعية المقاهي الشعبية التي تقل مساحتها عن 100م2 حالة بحالة وسيلتزم المهنيون، حسب السيد حبيب التستوري، بما ستقرّره اللجان في شأنها، إذ أن بعض المقاهي ستكون قادرة على تخصيص أماكن للمدخنين واقامة عازل بينها وبين أماكن غير المدخنين وعلى تركيز شافطات هواء... أما المقاهي الاخرى التي لا يمكن فيها ذلك من الناحية العملية، فإنه سيقع تركيز آلات تصفية هواء (وليس آلات شفط هواء) فيها دون تقسيمها الى جزئين... وهي آلات قادرة على تنقية الهواء بنسبة 97٪ ولا تترك أي أثر للدخان داخل المقهى، وسيقع التنسيق مع وزارة التجارة لتوريد كميات كبرى منها في الفترة القادمة ووضعها على ذمة أصحاب المقاهي بأسعار معقولة، وتمكينهم من مساعدة عن طريق البنك التونسي للتضامن لشرائها بالتقسيط... «وبعد ذلك يُصبح الحديث عن تطبيق المنع بحذافره في كل المقاهي مُمكنا» مثلما ذكره السيدان هيثم مڤنم وحبيب التستوري..