كشفت المحامية اللبنانية بشرى الخليل في حديث ل«الشروق» عبر الهاتف من بيروت أبعاد وخلفيات مذكرة الاعتقال التي أصدرها الانتربول بحق رغد صدّام حسين، ابنة الرئيس العراقي الشهيد مرجّحة أن تكون هناك دوافع انتقامية وراء صدور مثل هذا القرار الذي وصفته بالقرار السياسي... كما نقلت محامية الرئيس الشهيد في هذا الاطار عن رغد قولها إن المالكي حرّك هذه المذكرة من أجل تعويض الهزيمة التي مني بها في الانتخابات التشريعية مؤكدة في نفس الوقت أن الأنتربول غير مخوّل اطلاقا للبتّ في مثل هذا الموضوع. وليس لديه أية قوة إلزامية بهذا الشأن. وفي ما يلي هذا الحديث: بداية أستاذة بشرى كيف تنظرين الى قرار الانتربول اعتقال السيدة رغد صدّام حسين... وما هي برأيك الدوافع وراء صدور هذه المذكرة؟ في الحقيقة المذكرة ليست جديدة فقد صدرت منذ أكثر من عامين... وقد أثارت في ذلك الوقت ضجة كبيرة ولكن الجديد هو تحريكها هذه المرة عن طريق الانتربول الدولي... أنا في الواقع لا أرى لمثل هذا الاجراء أي تفسير موضوعي لأن السيدة رغد بعيدة جدا عن كل ما له علاقة بالحكم خلال النظام السابق... ولم تتعاط مع أي موضوع سياسي له علاقة بما يجري في العراق بعد الاحتلال... إذا كان ليس هناك أي تفسير موضوعي لمثل هذا القرار كما تفضّلت فما المغزى من صدوره اذن في هذه الظرفية بالذات؟ أسأل هنا بالخصوص عن البعد السياسي للقرار؟ من الواضح أن هذه المذكرة صدرت بدافع الانتقام حيث أنه لم يشف غليلهم على ما يبدو إعدام الرئيس الشهيد صدّام حسين وتعليقه على المشنقة... ولم يشف غليلهم اغتيال ابنيه عدي وقصي وحفيده مصطفى ... هذا هو الدافع الأساسي وراء مذكرة الاعتقال ولا علاقة له بالاتهامات الموجهة للسيدة رغد بتمويل ما يسمونه الارهاب... هذه الاتهامات توحي بأن السيدة رغد تمتلك أموالا وثروات بينما هي في الواقع تعيش في ظل رعاية جلالة الملك عبد الله الثاني كضيفة... وهي لا تملك أموالا ولا شيء... فلو كانت لها أموال لتمويل الارهاب كما يدّعون لما كانت قد موّلت بها هيئة الدفاع عن والدها... والجميع يعلم ان تكاليف تشكيل هذه الهيئة تحمّل أكثر من صنفها متطوعون. وقد تحدثت شخصيا مع السيدة رغد أثناء تحضير الهيئة في السابق عن تمويل هذه الهيئة فقالت لي «من أين آتي بالأموال؟»... وهل حدث بينك وبينها اتصال بعد صدور قرار اعتقالها؟ نعم، فقد اتصل بي شيوخ من عشائر العراق وأبلغوني بخبر صدور مذكرة اعتقال بحق رغد من الأنتربول... فسارعت للاتصال بالسيدة رغد التي هي في الواقع بمثابة شقيقتي وقد بدت كما عهدتها في لقاءاتي السابقة... لم ينتقص إيمانها بالله قيد أنملة .. ولما سألتها عن رأيها في المذكرة ضحكت من الخبر وقالت ان نوايا الانتقام مازالت موجودة في العراق وأن المالكي يريد تعويض هزيمته في الانتخابات بإصدار مثل هذه المذكرة ... اذا كانت هذه القضية سياسية بالدرجة الأولى كما جاء على لسانك فما مدى «قانونية» التعامل مع هذه المسألة من خلال «الانتربول» وإلى أي مدى يملك الانتربول تفويضا لذلك؟ أنا أرى أن هناك خفة من الانتربول الدولي في التعامل مع كل ما يأتي من العراق بل حتى مع أبسط القضايا .. أي انه حتى في حال نشوب خلاف بين تاجر عراقي وآخر عربي يمكن للتاجر العراقي أن يستصدر حكما من المحكمة العراقية ضد التاجر العربي ويمكن أن تصل هذه المسألة البسيطة الى الانتربول .. الانتربول في الحقيقة خف وهجه وخفت بريقه .. فموضوع مثل موضوع السيدة رغد ليس من اختصاصه وصلاحياته اصلا .. لكن هذا الأمر في الواقع لا يريح ولا يبعث على الطمأنينة لكل المنظمات الدولية .. فإصدار مثل هذه المذكرات بشكل فوضوي يقلل من قيمة واعتبار هذه المنظمات ذاتها. من الناحية القانونية أيضا .. هل بإمكان السلطات الأردنية الامتناع عن تسليم رغد.. وكيف يمكن ان تتحرك عمان في هذا الاتجاه؟ نعم أظن ذلك .. فليست السيدة رغد هي الوحيدة المطلوبة فهناك ايضا عديد الأشخاص العراقيين الذين طالب الانتربول باعتقالهم ولكن لم يتم تسليمهم .. لأن الانتربول لا يملك قوة الزامية .. ولا يستطيع الزام أية دولة حتى ولو كانت موقعة .. فموضوع الرئيس السوداني عمر حسن البشير مثلا أخطر وأقوى من موضوع السيدة رغد لأن قرار اعتقال البشير صادر عن محكمة الجنايات الدولية ومع ذلك رأينا الرئيس البشير يزور دولا عربية وافريقية ولم تقدم اي من هذه الدول على اعتقاله لانها ليست ملزمة بقرار الجنائية الدولية.. فما بالك بموضوع السيدة رغد خاصة ان الانتربول في هذه الحالة لم يقدم اي دليل فضلا عن كونه لا يملك اي قوة الزامية لتنفيذ قراره هذا ... في هذه الحالة كيف يمكن التحرك عربيا في مواجهة قرار الانتربول .. وما المطلوب تحديدا لاسقاط هذا القرار ؟ نعم هناك مكاتب للانتربول في كل الدول العربية .. وبالامكان التحرك على هذا الصعيد من خلال العمل على اسقاط هذه المذكرة .. ولكن أريد ان أقول شيئا هنا للحكام العرب بأنه لو كان صدام على قيد الحياة وفي الحكم .. ولو تعرضت ابنة أي رئيس عربي لما تعرضت له السيدة رغد لوقف صدام الى جانبها ولن يسكت على ذلك في حين أن أحدا لم يحرك اليوم ساكنا تجاه مذكرة اعتقال رغد .. اليوم بات مفروضا على الرؤساء العرب ان يتحركوا ويجروا اتصالات لإسقاط هذه المذكرة .. فما دام بعضهم يقيم علاقات ديبلوماسية مع الحكومة القائمة في بغداد ويعترف بها فلماذا لا يستثمرون هذه العلاقات من أجل ابطال المذكرة الصادرة بحق السيدة رغد على الأقل ..