رغم أن فريق مستقبل القصرين لا يزال معنيا بدرجة كبيرة بالنزول إلى الرابطة المحترفة الثانية رغم إنتصاره الهام والمستحق أول أمس على النادي الإفريقي، فإن ما حققه هذا الفريق خلال بطولة هذا الموسم عجز عنه غيره رغم وضعيته المتردية في الترتيب، ذلك أنه تمكن بفضل حماس لاعبيه وذكاء مدربه كمال الزواغي إلى «كسر» شوكة ثلاثة من الأندية «الكبيرة» وتحقيق الانتصار على حسابها وهي الترجي الرياضي والنادي الإفريقي والنادي الصفاقسي في انتظار لقاء الإياب الذي سيجمعه بالنجم الساحلي في الجولة الأخيرة من البطولة. فرغم أن رصيده البشري ليس كبيرا ورغم الكمّ الهائل من المشاكل التي عانى منها هذا الموسم نتيجة ضعف الميزانية وقلة موارده المالية ورغم المياه التي حاول البعض أن يسكبها تحت ساقيه في عدة مناسبات لإبعاده عن القصرين فإن المدرب كمال الزواغي، الذي كانت «الشروق» أول من كتبت عنه وعرّفت به في عددها الصادر يوم الأحد 6 جويلية 2008 بعد تعاقده مع فريق كوكب مراكش المغربي، أثبت مع الأيام صواب إختيار هيئة المستقبل التي تشبّثت به ومنحته ثقتها بعد أن تبيّن لها ولكل من ينظر إلى الأمور من منظار موضوعي أن هذا الفني، الذي كال له البعض التهم جزافا بكونه لا يفقه في كرة القدم شيئا، أعطى الإضافة لفريق السباسب الذي أصبح بمرور الجولات وتقدم الموسم يقدّم كرة قدم طيبة، حتى وإن عكسته النتائج في عدة مباريات نتيجة قلة خبرة بعض العناصر، وبدأ ينجز عملا معمقا سيعطي أكله لا محالة في قادم المواسم لأنه متشبع بأصول كرة القدم عارف بمتطلباتها ومدرك لخفاياها. فما من شك أن تحقيق الانتصار على فريق في قيمة النادي الصفاقسي ليس بالأمر الهيّن على ناد في مستوى مستقبل القصرين فالفوارق كبيرة بين الفريقين على جميع المستويات والهوّة عميقة من أي وجهة نظرنا إليها لكن كمال الزواغي آمن بإمكانيات لاعبيه وعبأ أدمغتهم بأن الحقيقة الوحيدة المعترف بها هي حقيقة الميدان وأن 11 لاعبا بإمكانهم هزم 11 لاعبا أيّا من كانوا وهو ما استوعبه بسّام البولعابي وزملاؤه فأنجزوا «المهمّة المستحيلة» في نظر البعض وحققوا إنتصارا باهرا على نادي عاصمة الجنوب غير أن البعض أراد الإستنقاص منه بإرجاعه إلى الحظ وإلى عدم ظهور لاعبي ال«سي آس آس» بمستواهم المعهود. غير أن الزواغي وأبناءه واصلوا العمل دون إكتراث بأصوات الجلب إلى الوراء فكانت «الملحمة» البطولية التي أنجزوها يوم 21 فيفري الماضي من خلال تفوقهم على شيخ الأندية ورائد البطولة الترجي الرياضي التونسي الذي لم يقدر أيّ فريق قبلهم على هزمه،باستثناء الملعب التونسي، في بداية الموسم وهو ما عدّ إنجاز كبير لمستقبل القصرين فالانتصار على النادي الصفاقسي قبل أسبوعين تلاه إنتصار على الترجي في ظرف زمني قصير أمر ليس من اليسر بمكان، وهو ما يؤشر إلى أن العمل الذي إنطلاق المدرب الزواغي في القيام به منذ بداية الموسم بدأ يعطي ثماره وأن لاعبي فريق السباسب أصبحت لديهم من الخبرة ما يكفي لمقارعة أعتى الأندية، لكن مرة أخرى يصرّ البعض على أن ينغصوا على أبناء القصرين فرحتهم بانتصار مستحق بالإشارة إلى أن الترجي استسهل المباراة ولم يلعب كما يجب وأن شباك القصرين كانت ستقبل «حارة» على أقل تقدير لو أن الترجيين كانوا في يومهم. ومن جديد يصرّ أبطال القصرين إلا أن يتحفوا جماهيرهم بدرّة جديدة من خلال المباراة الكبيرة التي قدّموها أمام النادي الإفريقي وحققوا من خلالها انتصارا تاريخيا على نادي باب الجديد أكد مرّة أخرى أن انتصارات المستقبل أمام النادي الصفاقسي ثم الترجي الرياضي وغيرهما لم تكن من باب الصدفة وأن عزيمة لاعبي القصرين وذكاء مدربهم الذي لا يقبض أخر كل شهر إلا جزءا ضئيلا ممّا يقبضه لوكا أو فوزي البنزرتي أو بيار لوشانتر، عاملان أساسيان رجحا كفّة «الفراشيش». وهذا الإنجاز الذي حققه مستقبل القصرين بانتصاره على النادي الصفاقسي والترجي الرياضي والنادي الإفريقي لم يسبق لأي ناد آخر أن حققه خلال هذا الموسم لصعوبته إذ ليس من السهولة بمكان أن يتوفق أي ناد مهما كان إسمه أن ينتصر على هذا الثلاثي بل أكثر من ذلك فإن الترجي متصدر السباق وصاحب اليد الطولى في البطولة لم يتمكن من هزم النادي الصفاقسي والإفريقي كما أن ال«سي آس آس» لم يتمكن هو الآخر من الفوز على الإفريقي والترجي وبالمثل لم ينجح الأفارقة في الفوز على الترجي والصفاقسي، أفلا يعدّ هذا إنجازا يحسب للمدرب كمال الزواغي وللاعبي مستقبل القصرين؟ وهل يستحق فعلا هذا الفريق المرتبة المتأخرة جدّا في الترتيب التي يوجد فيها؟