يتساءل البعض عن السرّ في تأكيد التشريع في ميدان كرة القدم على ضرورة التزام المدرب بالمنطقة الفنية الموجودة أمام بنك البدلاء وعدم تجاوزها لأي سبب من الأسباب. بل إن المشرّع كان يفرض على المدرب الجلوس من حين الى آخر ويمنعه من الوقوف طوال اللقاء، أي أنه يقف بالمنطقة العينية لتقديم التوصيات فقط. والحقيقة أن القوانين لا يتم سنها إلا بعد دراسات وحوارات واستعانة بعديد المختصين في كرة القدم وفي القانون والخبراء في علم النفس وفي علم الاجتماع وغيرها من العلوم. الحقيقة أيضا أن الخبراء توصلوا الى حقيقة ثابتة وهي أن سلوك المدرب أو المسؤول على الحدّ السواء يتم «ضربها» في عدد الجمهور أي أن المسؤول الذي يحتج على قرار الحكم وذلك برفع يديه مثلا سيكون مضاعفا (60 ألف مرة) إذا كان عدد الجماهير في حدود 60 ألف متفرج وهذه حقيقة. الجمهور ضحية البنزرتي هذا ما حصل فعلا في لقاء الترجي ونادي حمام الأنف الذي دار الخميس الفارط حيث كان اللقاء يدور في ظروف حسنة وبصفر من الأخطاء من طرف الحكم وبتقدم كبير من نادي حمام الأنف (3 0) وبأمل كبير من أحباء الترجي في العودة في النتيجة. لأن جمهور الترجي لا يعتقد أن نادي حمام الأنف له الرغبة في الفوز على الترجي... كان كل شيء يوحي أن اللقاء سينتهي في ظروف حسنة أو على الأقل عادية، لكن فوزي البنزرتي رفض «قانون الكرة» وحول اللقاء الكروي الى «ساحة حرب» نزفت فيها الدماء وسقطت الأرواح البريئة، ولذلك فإن الجمهور الجالس في «الفيراج» ولا يمكنه الحكم على قرارات الحكم تصرف وفق انفعالات المدرب أو وفق «بكاء» المسؤولين الذين يؤكدون دائما أن فريقهم يتعرض الى مؤامرة منظمة ويذكرون أن لقاء النادي البنزرتي والنادي الافريقي خلال الموسم قبل الفارط عرف أحداثا مؤسفة أيضا وكان المتسبب الرئيسي في تلك الأحداث مدرب النادي البنزرتي السيد فريد بن بلقاسم. منع المشاغبين من دخول الملاعب هذا هو الشعار الذي رفعته سلطة الاشراف بعد أحداث ملعب المنزه بين الترجي ونادي حمام الأنف والحقيقة أن هذا الشعار بلا معنى للأسف، لأنه لا وجود لمشاغبين محددين وأتحدى أي طرف أن يتم تحديدهم أو حصرهم والتحرّيات تفيد أن أغلب الذين يتم ايقافهم في كل مرة بعد اللقاء هم في الأصل مجرد أطفال أبرياء، ولذلك فإن المذنب الحقيقي هو المدرب المحتج على الحكم أو المسؤول الذي يلعب دائما دور المتآمر عليه. عقوبة الجمهور بلا معنى أحداث لقاء الترجي و«الهمهاما» أسالت الكثير من الحبر وخرج الجميع في النهاية بنتيجة بديهية يعلمها حتى الأطفال الذين مازالوا يتدربون على قطع الخطوات الأولى وهي إدانة العنف وضرورة التصدي له.. وهل أن ما حدث بالامكان مقارنته بسلوك «الهوليغانز» أم لا؟ ومباركة عقوبة جمهور الترجي لأنه وقع في المحظور، لكن الحقيقة التي تجاهلها الجميع سهوا أو عمدا هي أن الجمهور بريء وسلوكه كان مجرد استجابة لاثارة مبالغة من المدرب وطالما وجد «المحرض»، فإن الاستجابة ستبقى هي عينها والمنطق علمنا أن نفس الأسباب تؤدي الى نفس النتائج.