لا شيء يعيق الفلاحين اليوم عن المثابرة والاجتهاد لتحقيق الأمن الغذائي وخاصة بالنسبة للمواد الأساسية. صحيح ان الفلاحين توفقوا في الرفع من محاصيل المواد الغذائية الأساسية واستفادوا من الظروف المشجعة والحوافز الدافعة التي وفرتها الحكومة بهدي من الرئيس بن علي، سعت الى أن تنأى بالانتاج الفلاحي عن التقلبات المناخية بتوسيعها للفلاحة المروية للتملص من ضغط شحّ الأمطار في عديد المناطق وتداعياته، لكننا عشنا أزمات نقص في عديد المواد دفعتنا الى التوريد وأكل ما لم تنتجه أراضينا وسواعدنا. خطاب الرئيس أمس في افتتاح مؤتمر اتحاد الفلاحين حمل عديد القرارات والاجراءات جاءت لتراكم زخم التشجيعات والحوافز السابقة، وانطلقت من ادراك تام لشواغل الفلاحين وانتظاراتهم والتي أربكت حساباتهم وجهودهم وبالتالي مزيد تطوير مساهمتهم في تحقيق الأهداف الوطنية. ولا شك ان قرار جدولة ديون مياه الري وبشروط ميسرة ستعطي أجنحة أخرى للفلاحين في المناطق السقوية الذين كبّلتهم ديون الفواتير وانقطع الماء عن عديد المستغلات والأراضي المروية وهو ما هدّد انتاجيتها ومردوديتها. والأكيد ان هذا القرار سينزل على فلاحي الاراضي السقوية كغيث بعد انحباس كاد يتحوّل الى جفاف طويل. كما أن قرار اسناد قروض موسمية للأنشطة الفلاحية الأخرى على غرار الحبوب سيمكّن المنتجين من آلية قارة لتمويل بداية الموسم تحفزهم على العمل والمثابرة وبالمحصلة الزيادة في الانتاج وربما المحاصيل التي ستتوجه الى السوق المحلية والى التصدير والخزن. هذا القرار يرفده قرار آخر يتثمل في تعميم المنحة المخصصة للزراعات الكبرى لاقتناء الآلات الفلاحية وهو ما سيؤدي حتما الى مزيد تعصير الانتاج وادخال المكننة وبالتالي تحسين الجودة والرفع من المحاصيل. قرار آخر سيدعم الانتاج الفلاحي ويحسّن أوضاع المنتجين وأساسا صغار المربين في الوسط والجنوب الذين تضرروا من نقص الأعلاف وارتفاع أسعارها، وأيضا مراجعة مقاييس وإسناد القروض والمنح لصغار ومتوسطي الفلاحين وتحيينها كلما دعت الحاجة. واذا كان القطاع الفلاحي قطاعا تشغيليا بامتياز فإنه يفتقد الى التأطير والاحاطة وهو ما سيتوفر لاحقا ليتحقق هدفان هما رفع نسبة التأطير وتشغيل أصحاب الشهائد العليا عبر تشغيل 300 صاحب شهادة جامعية في الهياكل الفلاحية، وأيضا تمكين الفلاحين والبحارة الشبان منهم من الحصول على منحة شهرية بقيمة 150 دينارا طيلة السنة الأولى من انجاز المشروع. الكرة الآن في حقول الفلاحين ولم يبق لهم غير مزيد العمل والعطاء وانتظار الجزاء.