شهدت الايام القليلة الماضية توقف العمل بعدد من المؤسسات الصناعية التصديرية المختصة في قطاع الملابس الجاهزة أو تقلص نشاطها بما دفع بالعديد منها الى إحالة الكثير من العمال على البطالة المؤقتة والتي قد تتواصل لفترة طويلة. «الشروق» اتصلت بالسيد الناصر القطاري رئيس الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وأحد المختصين في ميدان الصناعات التصديرية في مجال النسيج والاكساء لمعرفة الاسباب وأجرت معه الحوار التالي: كيف كان تأثير الازمة المالية العالمية على القطاع الاقتصادي بالجهة؟ ولاية المنستير كغيرها من الاقطاب الصناعية بالبلاد تأثرت سلبا بمفعول الازمة المالية العالمية لان هذه الازمة كان لها الوقع الكبير على اقتصاديات الدول الاوروبية التي نتعامل معها كثيرا. وكيف خرجت المؤسسات الصناعية بالجهة من هذه الازمة؟ لقد كانت للقرارات الرئاسية للحد من التأثيرات السلبية إيجابياتها الكثيرة،وهو ما ساعد العديد منها على تخطي هذه العقبة الكأداء بسلام. هل انتهت الأزمة؟ كلا، يخطئ من يعتقد بأن الأزمة المالية العالمية ولّت وانتهت، لكن بالامكان مواصلة الجهود للتغلّب عليها شريطة تحلي البنوك والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالمرونة في الأخذ بيد المؤسسات التي تمرّ بصعوبات اقتصادية، وأعتقد بأن سنة 2010 ستكون أشد وطأة على المؤسسات من سنة 2009 وهذه الصعوبات لم تتضرّر منها المؤسسات المصدرة فحسب بل امتدّ ضررها أيضا الى المؤسسات التي تنتج للسوق المحلية. لكن ما هي العلاقة بين الأزمة العالمية والسوق المحلية؟ المؤسسات المنتجة للسوق المحلية طالها الغول الصيني فثمن القطعة الواحدة من الملابس الجاهزة القادمة من الصين والبلدان الآسياوية أقل من تكلفة خياطتها لدينا، وهذا ما يجب أن يدركه الجميع لمعرفة الخطر الحقيقي. وهل تعتقد بأن الأزمة ستنتهي؟ بطبيعة الحال وسيأتي اليوم الذي تنفرج فيه الأوضاع وحتى نصل الى ذلك لا بد من التضحية من كل الأطراف: صاحب المؤسسة بمحافظته على كيان معمله ولو نقصت مرابيحه والعامل الذي يجب أن يعي الوضع العالمي الصعب: أزمة عالمية مالية وانخفاض في الاستهلاك في البلدان الأوروبية المورّدة لمنتوجاتنا إضافة الى التكلفة التي أصبحت عليها اليد العاملة التونسية مقارنة بالتكلفة التي عليها اليد العاملة المزاحمة لمنتوجاتنا على غرار مصر والمغرب والصين. وهل انعكس ذلك سلبا على الاستثمار الاجنبي والمناخ الاجتماعي؟ من حسن حظنا أن الاستثمار ما انفك يتدعم من يوم الى آخر نتيجة عدة عوامل من أهمها الاستقرار والأمن والأمان بالبلاد وموقعنا الجغرافي والتشريع التونسي والتشجيعات المتوفرة به سواء كان ذلك للتونسيين أو للاجانب والمناخ الاجتماعي السليم الموجود بين منظمتي الاعراف والشغل إلا أن هذا المناخ يجب أن يرتكز عند المفاوضات المقبلة على مراعاة الوضع الاقتصادي الحقيقي لبلادنا ومؤسساتنا وكيفية ضمان ديمومة مواطن الشغل والمؤسسة. ألا ترى أن الأمر يتطلب حلولا جذرية؟ أكيد فأغلب مؤسساتنا التصديرية تعتمد على المناولة وكنا نقوم بخياطة «الدجين» الذي أصبح يأتينا من البلدان الآسياوية بأثمان لا تقبل المزاحمة مما جعل حرفاءنا بأوروبا يخيّرون اقتناء بضاعة جاهزة على ملابس نقوم نحن بخياطتها بكلفة مرتفعة. وأعتقد أن الحل الامثل يكمن في التخلي عن هذه السياسة والاتجاه نحو تصنيع الملابس التي نتولى ابتكارها وتأمين القيمة المضافة لها، فقد انتهى عصر الاكتفاء بدور ثانوي، فلابد من كسب رهان التحدي وإثبات الذات ونحن قادرون على ذلك. ولاية المنستير اختصت بقطاع النسيج والدليل القطب التكنولوجي للنسيج ومئات المؤسسات الصناعية في هذا القطاع. ألا ترى أن لهذا التخصص خطرا كبيرا عند حدوث أزمات؟ صحيح أن ولاية المنستير تعد من أهم الاقطاب بالبلاد في اختصاص النسيج والملابس الجاهزة. وهو قطاع مشغّل لعشرات الآلاف من العمال. ومن الطبيعي ان تتعرض المنظومة الصناعية بالجهة الى رجّة ما كانت لتحدث بتلك الدرجة لو كانت صناعتنا أكثر تنوعا بالرغم من أن الأزمة المالية العالمية مسّت كل القطاعات ولكن بدرجات متفاوتة، وهذا ما يدعو الى التفكير في تنويع الانشطة والبحث عن أسواق جديدة قد تكون بمنأى عن الهزات الاقتصادية وتقلبات الأوضاع. الى جانب قطاع النسيج، هل هناك قطاع آخر تأثر بهذه الأزمة؟ نعم، هناك القطاع السياحي، وجهة المنستير تعد من أهم الأقطاب السياحية بالبلاد وهي التي تضم 51 نزلا، هذا القطاع ورغم محاولات أصحاب المهنة التخفيف من أثمان الاقامة فإن الجهود لم تكلل بالنجاح لمواصلة النشاط بصورة طبيعية، وهذا يدعو الى تكثيف الجهود من أجل استقطاب المزيد من الأسواق الجديدة ومضاعفة الجهد بهدف تنويع مكونات المائدة السياحية وإيجاد علاقة جيدة مع السائح التونسي.