يبدو أن الهزيمة العريضة التي ألحقها الترجي الرياضي بنادي المريخ السوداني في لقاء ذهاب رابطة الأبطال الإفريقية والثلاثية التي دكّ بها إينرامو وزملاؤه شباك الحارس أكرم الهادي سليم أعمت بصيرة بعض الأقلام السودانية التي يبدو أنها إنحرفت عن سواء السبيل وإنجرفت إلى مستنقع الكلام غير المسؤول حتى لا نقول شيئا آخر. فقد إطلعنا على كلام هو أقرب إلى لغة الشوارع منه إلى لغة الصحافة بل إن لغة الشارع في السودان الذي يتميّز أهله بالطيبة والوداعة نجزم ونحن متأكدون من ذلك بأنه أرقى ممّا جاء في صحيفة نادي «المريخ» التي تسعى إلى جعل مباراة الإياب التي ستجمع الترجي بالمريخ أشبه بحرب ضروس، معتبرة إياها مباراة «الكرامة» مشيرة إلى أن «جماهير المريخ كلها في حالة استنفار وتعبئة لمباراة الكرامة». مضيفة أنّ «نار مباراة الرد اشتعلت مبكرا في القلعة الحمراء». وتواصل الصحيفة كلامها المسموم بالقول أن جماهير المريخ عازمة وحريصة «على تحويل الملعب يوم المباراة لقطعة من جحيم بالنسبة لمنافسهم الترجي» (لن يحترق بلظاها غيرهم). وأكدت الصحيفة بأن ما وصفتها ب«شعلة النصر» على الترجي تمّ إيقادها» مفيدة أن رئيس النادي جمال الوالي سيقود بنفسه «حملة الاستنفار بعد أن سبقه الأمين العام قريش وأعلن حالة الطوارئ». وفي تشجيع للاعبي فريقها طالبت الصحيفة الجماهير السودانية بأن «تقوم بدورها كاملا وتحوّل ملعب المباراة لنار مشتعلة وهتافات وأصوات دفوف وطبول خلال التسعين دقيقة». كما دعت كل لاعب من لاعبي الفريق إلى الدخول «في معسكر خاص ويجهز نفسه جيدا ليقدم أفضل ما عنده ويقاتل في اليوم المنتظر بشجاعة وحرارة قلب تحطم قيود الظروف وتلقن الترجي درسا لن ينساه». معتبرة أن هذه المباراة ستكون «بالنسبة لكل لاعب مباراة العمر ومواجهة الحياة أو الموت شعارها النضال والاستبسال والدفاع برجولة عن قيمة ومكانة الشعار»، ويقينا منها بأن المهمة صعبة جدّا أمام الترجي فقد طالبت كل لاعب بتقديم مردود إضافي يوازي مردود لاعبين أو ثلاثة حتى «يشعر الترجي بأنه يواجه فريقا يتجاوز العدد في التشكيلة ولا قِبَلَ له بمواجهة الروح المشتعلة والتي لا تعرف الهدوء وتندفع سيلا يجرف كل أحلامهم وتوقعاتهم» (هكذا). وتستمر في شحن لاعبي المريخ بدعوتهم إلى أن يكونوا «شعلة من نار تتوهج وتملأ الملعب بالحيوية والنشاط .. تسدّ الثغرات وتمنع الأخطاء وتصنع الانتصار»خاصة أنه « لا وقت للاستهزاء أو التراخي أو التكاسل أو الخمول فالمرّيخ تنتظره مهمة صعبة وأمامه خياران أن يكون أو لا يكون أمام الترجي» (يقيننا أنه لا يكون بإذن الله). وتضيف إن «قوّة الإرادة إن توفرت يمكنها أن تفتت الحجر وتتجاوز المصاعب والحواجز وتبدّل الوقائع ويصبح تسجيل ثلاثة أو أربعة أهداف سهلا وميسورا». ورغم أن لاعبي المريخ يدركون صعوبة المهمّة إلى حدّ إستحالتها بعد أن لمسوا قوّة الترجي على أرضية الملعب فبدؤوا يعدّون أنصارهم لتقبل الإنسحاب من خلال الإشارة إلى أن فريقهم سيكون محروما من بعض ركائزه في لقاء الإياب بسبب الإصابة وغيرها فإن كاتب المقال «المسموم» ردّ عليهم بالقول « لا نريد أن نسمع مثل هذا الحديث وأن يركزوا على مواجهة العوارض بعزيمة قوية وحافز ودافع لتعويض غياب زملائهم بمضاعفة الجهد والعطاء». وفي خاتمة المقال إنتهت الصحيفة إلى الإشارة بأن «إستعدادات الحمر يجب أن تمضي بشكل جيّد للمباراة المصيرية بإيقاع ساخن وملتهب يشعر الترجي، حسب رأيها، بحرارته قبل أن يصل الخرطوم» مثل هذا الكلام الذي لا يشرّف الإعلام السوداني لأنه يسعى إلى تحويل مباراة رياضية إلى موقعة حربية، لا يستحق الردّ عليه بل نكتفي بالإشارة إلى أن لاعبي الترجي سيردّون عليه بطريقتهم على أرضية ملعب أم درمان يوم 8 ماي.