الموت... هذا القدر الأعمى الذي لا يتأخر عن موعده له مفاهيم متعددة في الدين والفلسفة والشعر والاسطورة وهو الشاغل الاساسي للفكر الانساني بمفكّريه وشعرائه ومسرحييه وفلاسفته وهو أكثر شيء عادل في توزيعه بين الناس. الدكتورة رجاء بن سلامة لها كتاب هام في هذا المجال صدر منذ سنوات في تونس وأعادت دار «رؤية» في القاهرة نشره بعنوان: «الموت وطقوسه من خلال صحيحي البخاري ومسلم». وتسعى هذه الدار المصرية الجديدة التي تشارك لأول مرة في معرض تونس الدولي للكتاب الى نشر كتب فكرية لكتّاب وباحثين من المغرب العربي وتسعى هذه الدار الى أن تكون جسرا بين المشرق والمغرب. الكتاب صدر في حوالي 300 صفحة في إخراج أنيق وقد قسّمته الباحثة رجاء بن سلامة الى قسم أول وقسم ثان وتتناول في الكتاب مجموعة من المسائل منها عيادة المريض والاحاطة به وطقوس الاشفاء وتلقين المحتضر الشهادة والدعاء له وطقوس الجنازة. كما تناولت البكاء والبكاء الطقوسي وقبر الميت والجلوس على القبر وزيارة القبور والموت والخطاب التحديثي. الدكتورة رجاء بن سلامة بدأت الكتاب ببحث التصورات بتعريف الصحيحين للموت وأنواع الموت. وتقول الدكتورة رجاء بن سلامة الى أن الدافع الاساسي الذي قادها الى هذا الكتاب هو رحيل والدها الذي رحل وهي في سن الدراسة فحاولت تعويض غيابه بالكتابة عن الموت. هذا الكتاب بطبعته المصرية الانيقة دراسة جادة في الموت من باب الانتروبولوجيا وليس من باب ثقافة الخوف والترهيب وعذاب القبر التي تخصصت الفضائيات العربية في جلد المشاهد العربي بها لتنشر طقسا من الخوف والتردد والارتياب والشعور بالاثم وتقتل كل مبادرات الفعل أو الحلم أو الطموح الانساني.