احتضن معهد النور للمكفوفين ببئر القصعة بإدارة السيد الطاهر المنصوري حوالي 45 بحث تخرج طلبة معهد إطارات الطفولة بدرمش على امتداد عشر سنوات مضت تستهدف الاطفال حاملي الإعاقة والأحداث في مؤسسات اصلاح الأحداث. ووجه المؤسستين الاولى والثانية معا هو في أعماقه ارساء لسياسة تفتح المؤسسة التربوية على المحيط والاهتمام بالواقع المعيش لأنه يبقى في كل الأحوال المستهدف الأهم الذي تقوم الدولة بتخريج المختصين من أجله. هذا هو شعار المشروع الذي تم انجازه من قبل طالبات من معهد إطارات الطفولة بدرمش. «كوثر الخلافي، وسيدة الغانمي وخولة الشريف وانتظار دغنوج وهدى الحرباوي ونيرة الدنداني» وقد استفاد الأطفال بمعهد النور ببئر القصعة على امتداد أسابيع بأعمال ورشات متنوعة في المسرح والكورال والرسم البارز والتزويق وفنون الطبخ والمرطبات أمنتها الطالبات بكل عناية واقتدار. ومن اهم المحطات التي استرعت انتباهنا ضمن هذا المشروع الثقافي هو تجربة القسم المتنقل التي انجزتها الطالبات لفائدة هؤلاء الأطفال وتتمثل التجربة في برمجة خرجات بالحافلة الى كل من المناطق الأثرية والحضرية والريفية لتمكين الطفل الكفيف من التفاعل مع المشهد التراثي والحضري والريفي اعتمادا على حواس السمع والشم واللمس وتكوين ما يسمى بالمرجعيات الحسية في التعاطي مع عناصر المحيط الخارجي. ولعل الاحساس بالطفل الكفيف والتعامل معه بطرق منهجية صائبة هو ما خلق لحمة كبيرة ومحبة جمعت فريق الطالبات بالأطفال وهو ما مكّنهن من النجاح التربوي في هذا المشروع. عرض فرجوي ثقافي تمكنت الطالبات من إعداد مجموعات من الأطفال المكفوفين في اختصاصات الورشات المسرحية والموسيقية والفنية وهو ما مكنهن من انجاز استعراض كبير امتد لساعات بفضاء التنشيط بمعهد بئر القصعة واكبه عدد كبير من التلاميذ والمعلمين والعملة والمؤطرين. وقد تم بالمناسبة توزيع جوائز على الفائزين في ورشة القسم المتنقل وبقية الورشات بما بعث الفرحة في نفوس المشاركين والرغبة في المشاركة من قبل التلاميذ الجماهير. وقد كان فرع التربية والأسرة وفر دعما لوجستيا هاما لهذا المشروع مما مكّن الطالبات من إعداد جيد لمختلف محطات المشروع، الى جانب الغطاء المادي والتربوي وفرته إدارة المعهد المستضيف والمستفيد من المشروع. أمسية ثقافية بدار الثقافة ابن خلدون وتكريم فريد من نوعه وفي إطار هذا المشروع الثقافي تم لقاء ختامي يوم الجمعة30 أفريل مساء بدار الثقافة ابن خلدون واكبه عدد من طلبة معهد إطارات الطفولة بدرمش وعدد من المكفوفين نذكر منهم الدكتور لطفي التونسي المشرف على تظاهرة أمل 2010 والدكتور الهادي العلوي الى جانب السيد الحبيب الزريبي العامل الكفيف بمؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية. وقد استمع الطلبة الى محاضرة قيّمة ألقاها الدكتور عمر الحجام من كلية العلوم الانسانية حول الكفيف ومظاهر نهضته خاصة في ظل السياسة الاجتماعية المتطوّرة لتونس. كما قدّم الأستاذ عادل بوعلاق مداخلة حول الحس الفني لدى الكفيف المبدع. وقد استمع الحاضرون الى أغان ألفها الشاعر التونسي الكفيف محمد البقلوطي كما تم عرض فيلم قصير عن حياة لويس برايل مخترع الكتابة النافرة للمكفوفين. تكريم شاب عمره 82 سنة! في نهاية اللقاء قامت الدكتورة أنديرا حمدي راضي المشرفة على المشروع بمعية الطلبة باستقبال شاب يتقد حيوية ونشاطا، شاب من مواليد سنة 1927 عمره 82 ربيعا. صعد المنصة وجلس في خفة ونشاط كبيرين. ابن الثمانين سنة هذا هو من أسس معهد النور للمكفوفين سنة 59 كما جاء في التقديم، رفع اسم تونس عاليا في المحافل الدولية من خلال عمله لدى الأممالمتحدة لسنوات بصفة خبير في التربية الخاصة. أنجز طباعة بارزة للقرآن الكريم في تونس سنة 75 مثل تونس أول مرة في اجتماع المجلس العالمي للمكفوفين بنيويورك وهو أول رئيس للجنة الرعاية الاجتماعية والاقتصادية للمكفوفين الأفارقة بالاتحاد العالمي للمكفوفين. مؤلف دراسة عربية قيمة نشرتها الألكسو سنة 1982 حول سبل النهوض بالمعوقين في العالم العربي بمناسبة السنة الدولية للمعوقين التي تبنتها الاممالمتحدة. نظر الشاب إلينا نحن معشر الشيوخ ذوي العشرين والثلاثين والأربعين سنة وقال: حين تصبحون شبابا مثلي ستتيقنون بأن تونس معين لا ينضب من الخير والحب والتضامن بين الناس الخيرين. انه الاستاذ محمد الراجحي الذي قاد أبناءه المكفوفين نحو العلم والمعرفة والكرامة. والطالبات صاحبات المشروع صمّمن على التألق في البحث الجامعي فكان لابدّ لهن من تكريم هذا الرجل الجليل، وهو في تقديري اروع محطة في محطات مشروع الطفل الكفيف والإبداع.