وردت علينا رسالة موجهة الى وزير التربية من مربية بمدرسة النور للمكفوفين ببئر القصعة ببن عروس شخّصت فيها صاحبتها الوضع المتردي لمدارس المكفوفين وتطلب التدخل العاجل. سيّدي الوزير أتوجّه إليكم بهذا النداء لتنظروا بصفة عاجلة وجدية في الوضع البيداغوجي المتدهور بالمدارس الابتدائية الخاصة بالمكفوفين نتيجة تهميش هذه المؤسسات وعدم الاعتراف بخصويتها وعدم اتباع طرق علمية مختصة لتعليم الكفيف والاحاطة به عند هيكل هذه المنشآت التي يعتبرها النظام السابق مؤسسات خيرية ذات طابع اجتماعي وسياسي يسيرها مديرون ليست لهم دراية بالتربية المختصة التي تضمن للتلميذ الكفيف تعليما هادفا ومتطورا واستقرارا نفسيا فتمكنه من بناء شخصية متوازنة خالية من العقد. إن المتضرّر من هذا الوضع المزعج هما الطرفان الأساسيان في العملية التربوية: التلميذ والمربي وأنا سأكتفي بالتعرض الى واقع التلميذ الكفيف المهمش في هذه المؤسسات التي تطبق فيها منظومة بيداغوجية عامة لا تراعي الاختلاف بين التلميذ الكفيف والتلميذ المبصر على مستوى المكتسبات الأساسية والحاجيات والقدرات ليتقبل برنامجا عاديا في حيز زمني عادي في ظل تجاهل تام للاضطرابات النفسية والحس حركية والاجتماعية التي تتميز بها شخصية الطفل الكفيف نتيجة إعاقته والتي لها تأثير سلبي ومباشر على العملية التربوية وهذا يعود الى عدة نقائص بهذه المؤسسات سأذكر أهمها: 1 عدم توفر مدير بيداغوجي مختص يشرف على الجانب البيداغوجي ويحرص على تطبيق منظومة بيداغوجية مختصة توفّر للمربي ظروفا ملائمة تمكنه من القيام بدوره بأريحية ونجاعة وتضمن للتلميذ الكفيف إحاطة ورعاية هادفين خصوصا أن هذا الأخير يقضي أدقّ فترات حياته في هذه المؤسسات التعليمية ذات النظام الداخلي. 2 عدم الاكتراث بالجانب الانساني للأطفال المكفوفين ويتمثل ذلك في عدم توفر مختص نفسي ومختص حسّ حركي واجتماعي ومختص في تقويم النطق ومختص في الحركة والتوجه مما يجعل المدرس يبذل مجهودات كبيرة ساعيا الى الاحاطة بكل هذه الجوانب لكن ذلك لا يمكن أن يفي بالحاجة نظرا لصعوبة الاضطلاع بكل هذه المسؤوليات في ظل غياب المتخصصين المشار إليهم آنفا. 3 عدم توفير وسائل تعليمية وتجهيزات ذات مواصفات دقيقة تتلاءم والقدرات الجسدية للطفل الكفيف ولتسيير العملية التربوية. 4 عدم اعتماد طرق عملية مختصة تراعي الفروق الفردية عند ترسيم التلاميذ مما يؤدي الى الحد من فرص التعليم لدى الطفل الكفيف المرسم في نفس القسم مع أطفال حاملين لأكثر من إعاقة وهم يمثلون أكثر من 30٪ من تلاميذ الفصل. 5 جهل معظم المربين للتربية المختصة وعلم النفس الخاص والبيداغوجية الخاصة لتدريس المكفوفين وعدم تكوينهم في هذا المجال. إن هذا المجال حساس ودقيق لا يمكن إلا للخبير المختص أن يدرك الأثر السلبي للنقائص المذكورة على الوضع البيداغوجي بهذه المؤسسات ولهذا السبب يدعوني واجبي كمختصة الى مناشدتكم للتدخل العاجل والفاعل قصد السماح باتباع منظومة بيداغوجية مختصة تحترم خصوصيات التلميذ الكفيف وتتيح له فرصا أوفر حتى يوظف قدراته وإصلاح هذا الوضع الذي ذهب ضحيته عدد كبير من المكفوفين ومازال يعاني منه عدد أكبر وهم في حاجة ماسة الى آليات بيداغوجية مختصة تؤمن لهم تعليما هادفا وناجعا فارقوا أسرهم في سن مبكرة من أجله ليكون سلاحهم الوحيد في الحياة والنور الذي يضيء دروبهم عوضا عن نور أبصارهم. إن الوزارة أبدت اهتماما بالبنية التحتية لمدرسة النور للمكفوفين وذلك بعد لقائنا بكاتب الدولة بوزارتكم دون الاكتراث بالجانب البيداغوجي الذي يمثل ركيزة هذه المؤسسات التي لا يمكن لها أن تستفيد من الأموال التي رصدتها لفائدتها الوزارة إلا بعد الاعتراف بخصوصيتها وذلك بتطبيق منظومة بيداغوجية مختصة داخلها باعتبارها مؤسسات تعليمية يؤمها التلاميذ المكفوفون من أجل الدراسة لا غير. سيدي الكريم، أرجو أن يكون الجانب البيداغوجي في المدارس الابتدائية الخاصة بالمكفوفين موضوع الجدل بين المسؤولين البيداغوجيين من وزارتكم ومختصين في التربية المختصة (الذين يوجد بعضهم بمدرسة النور للمكفوفين بئر القصعة) والجهاز البيداغوجي المشرف على الدائرة التي تنظم إليها مدرستنا لامع المديرين الذين ليست لهم خبرة في التربية المختصة ولا معرفة لآليات المنظومة البيداغوجية المختصة في تدريس المكفوفين. نجاح الديماسي (مدرسة بمدرسة النور للمكفوفين ببئر القصعة)