تحوّل قرابة 4% من التونسيين إلى عزّاب بصفة نهائية ولئن اختلفت الأسباب والرّؤى فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو هل أن ظاهرة العزوبة في تونس «مكتوب» أم اختيار؟ التصق بالثقافة الشعبية للتونسيين ما يسمّى ب»المكتوب» والقسمة والنصيب في الزواج ولا نخفي إيماننا بالمكتوب والقضاء والقدر لكننا لا نخفي أيضا إيماننا بالبحث عن أسباب بروز ظاهرة العزوبة بهذا الشكل الواضح في مجتمعنا. ديوان الأسرة والعمران البشري اختار أن تكون هذه الظاهرة موضوع منتدى الصحة الانجابية وعلى لسان الأستاذ محمد كرّو الأخصائي في علم الاجتماع، من خلال محاضرة تحدّث فيها عن أسباب العزوبة. ولا شكّ أن قائمة الأسباب التي تقف وراء العزوبة كثيرة إلا أن الظاهر منها مرتبط خاصة بالتطورات الاجتماعية والثقافية التي عرفتها بلادنا خلال العقود الماضية، لا سيما منها مواصلة التعليم الى أعلى المراتب اضافة الى صعوبة الاندماج في الحياة الاقتصادية وصعوبة إيجاد عمل بالنسبة للذكور والإناث وصعوبة الحصول على مسكن وصعوبة إيجاد قرين مناسب وذلك بالاضافة الى الأسباب النفسية كاختيار الحياة الحرّة بدون قيود أو مسؤولية. اتّضح أن نسبة العزاب في ارتفاع متواصل عند الذكور والإناث على حدّ سواء حيث ارتفعت هذه النسبة من 44.4 سنة 1994 الى 48.4 سنة 2001 عند الذكور وارتفعت النسبة عند الإناث من 35 إلى قرابة 40. وأكدت إحصائيات مسح صحة الأسرة لسنة 2001 أن نسبة العزوبة النهائية في ارتفاع متواصل عند الإناث وتكاد تكون مستقرة عند الذكور إذ بلغت 3.9 عند الإناث سنة 2001 بينما كانت في حدود 1.6 سنة 1984 و2.3 سنة 1994. وينتظر أن تكون هذه النسب بين 8 و9 خلال الخمس سنوات القادمة لدى الفئة العمرية بين 40 و49 سنة. وتبيّن المعطيات أن نسبة العزوبة النهائية أكثر ارتفاعا في الوسط الحضري مما هي عليه بالوسط الريفي وتتراوح بين 3 و4.4 ويوجد أقصاها بالوسط الشرقي وأدناها بالوسط الغربي. وحسب المستوى التعليمي تبلغ أقصاها عند المتحصلات على شهادة متوسطة حيث تصل نسبتها إلى 11. ونظرا لتقلّص امتداد العلاقات الأسرية التي طالت الريف والى حركة الهجرة الداخلية وخاصة عند الذكور للبحث عن العمل وهم عادة من بين المترشحين للزواج فإن احتمالات الزواج عند الفتيات الريفيات ستنخفض بشكل ملحوظ مما ينبئ بارتفاع نسبة العزوبة النهائية في العشر سنوات القادمة. وعموما تظلّ ظاهرة العزوبة في تونس في حاجة الى أكثر من دراسة خاصة وأنها صارت لدى البعض معطى نهائيا لا نقاش فيه.