أثار المقال الذي كتبه الأستاذ أحمد بن صالح في جريدة بلجيكية، سنة 1951، حفيظة بل وحنق السلطات الاستعمارية الفرنسية مما تسبب له في شطب اسمه من قائمة المدرسين المنتمين الى إدارة التعليم. وفي حلقة أمس، كشف «سي أحمد» أهم التفاصيل التي حفّت بهذا المقال وبمهمته ضمن لجنة تقصّي الحقائق التي أوفدتها «السيزل» عقب احداث تازركة الشنيعة التي ارتكبتها قوات الاستعمار الفرنسي.. وأضاف «سي أحمد» موضحا: «تصرّفت كمناضل وشاهد عيان.. وكان ذلك المقال الذي كتبته تحت وطأة وهول ما رأيت وشاهدت من فظاعات في تازركة وفي غير تازركة، اذن هذا المقال هو الذي اتخذه الفرنسيون... واتصلوا في بلجيكا (بروكسال) «بكوهين حضرية» حيث أصدر تصريحا قال فيه: (...) بعد كل شيء.. الفرنسيون لهم الحق في الدفاع عن أنفسهم» فما كان مني الا ان اجبته على أعمدة الصحافة البلجيكية نفسها وقلت له متحديا: «أذكر لي فرنسيا واحدا قتل او جُرح.. فأين الدفاع عن النفس؟ و«حضرية» هذا، كان لي معه قصّة أخرى لاحقا، حيث كتب مرة ليقول ان بن صالح طلب مساندة النقابات الاسرائيلية حتى ينعقد مؤتمر السيزل في تونس.. كان ذلك في فترة الخمسينات لما كنت في «بروكسال» بالسيزل وقبل عودتي النهائية الى تونس..». سألت «سي أحمد» بن صالح عن «كوهين حضرية» فقال هو طبيب من أصل تونسي وكان ممثلا للحزب الاشتراكي الفرنسي في تونس (يهودي تونسي).. وتابع «سي أحمد كلامه مستذكرا حوادث وأحداث أخرى مرتبطة بهذه القصة وشخوصها: «ومن نكد الدهر أنني، وفي السنوات الأخيرة وأنا في تونس (بعد عودته من المنفى) أخرج أحد «المؤرخين» ضعيها بين ظفرين مقالا او مقالات عن علاقاتي «بكوهين حضرية» وبالنقابات الاسرائيلية مستندا على وثائق من صهيوني (أصله مغربي) يدرّس بالجامعات الاسرائيلية.. وقد أجبت عن ذلك في ندوة من ندوات مركز التميمي». قلت ل «سي أحمد» وما علاقتك «بحضرية»؟ ردّ قائلا: حضرية هو يهودي تونسي... لم أقابله ربّما سوى مرّة.. كان ممثل الحزب الاشتراكي الفرنسي في تونس، اي مسؤول فرع تونس عن ذاك الحزب (عهد الاستعمار بالطبع) وقد كتب ما كتب حول «حق الفرنسيين» في «الدفاع عن النفس» على خلفية أحداث تازركة وبنزرت وطبلبة سنة 1951.. وكما قلت ذلك آنفا، أجبته على اعمدة الصحافة البلجيكية... اما بالنسبة للمقال الاول الذي كتبته ونددت فيه بالاستعمار الفرنسي، فقد طلب مني أحمد عبد السلام رئيس الجامعة عبر رسالة بعث لي بها الى بروكسال لأهدئ الجوّ... وقد أيده في ذلك فرحات حشّاد حين اتصل عبر التلفون... وكان الأمر كذلك... ولكن العقوبة التي سلّطوها علي (حذف اسمه من قائمة رجال التعليم) لم ترفع... الا زمن وزارة الأمين الشابي بعيد الاستقلال كما ذكرت.. سؤال للسيد عبد الحميد الواد، بخصوص المرحوم محمد حاحا ابن المكنين الذي أخرج «سي أحمد» بن صالح من تونس، عبر مسلك باتجاه الجزائر اذ يقول نصّ السؤال: «هل من الممكن ان نعرف من سيادتكم تاريخ وفاة المرحوم محمد حاحا وهل صحيح انه تزوّج بالجزائر وخلّف أولادا؟ عن هذا السؤال يقول «سي أحمد» : المرحوم محمد حاحا، وقد ذكرت قصته إبان الخروج من السجن،اعتنى به الاخوان الجزائريون.. وكان يشتغل في احدى مؤسسات الجيش الجزائري.. وتوفي رحمه الله، ولو كان تزوّج لكنت علمت بذلك.. محمد حاحا رحمه الله كان هو من تكفل بالاتفاق مع أخي المرحوم محمد بن صالح، حتى يأخذنا انا والعريبي الى الجزائر.. وقصصت الحكاية وكيف وقعت كان محمد حاحا قد تدرّب على الطريق والمسلك نحو الجزائر عبر تونس.. ولكن عندما حلّت الساعة الصفر، كما يقال كان موعد الخروج من السجن خلال شهر فيفري وكان الجوّ عاصفا وممطرا... وقد أخطأ المرحوم محمد حاحا المكان او المسلك او بالتحديد مكان التوقف. توقف السيارة التونسية التي حملتنا من تونس (سجن 9 أفريل) الى حدود الجزائر فكان أن أوقف حاحا السيارة جنب دار العمدة... وذلك لأن الخطة تقتضي ان نتوقف في نقطة معيّنة (في طبرقة) ويواصل بنا محمد حاحا مشيا على الأقدام الى أن نصل الى التراب الجزائري.. وأذكر ان هذه المغامرة مرت بسلام، وقد تحدثت في شأنها عبر هذا الركن ولكن أذكر ايضا ان محمد حاحا ولما وصلنا الى الجزائر وتقابلنا مع الاخوة الجزائريين حاول ان يعود ادراجه الى تونس، غير ان الاخوة الجزائريين ردّوا عليه طلبة، وأبقوه في الجزائر خشية ان يعاقب العقاب الأقصى عندما يعود الى تونس.. في الحلقة القادمة ان شاء الله سؤال آخر من السيد عبد الحميد الواد بشأن شقيق «سي أحمد» المناضل الدكتور محمد بن صالح... فإلى حلقة جديدة من أجوبة صاحب المذكرات عن أسئلتكم وتساؤلاتكم.. حوار وإعداد : فاطمة بن عبد الله الكراي