حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي أمام الادّعاء الذي روّج له «أحدهم» على حدّ نعت الأستاذ أحمد بن صالح، لمن قال إنه يعتبر نفسه مؤرخا، وإنه نظر في وثائق حول السيزل، وادّعى أن «بن صالح» أتى ب«السيزل» (مؤتمرا) إلى تونس بالتنسيق مع الاسرائيليين.. وقد أورد سي أحمد في الحلقة الماضية، كيف أن «كوهين حذرية» (وهو يهودي تونسي) كتب في بلجيكا عن مجزرة تازركة على أنها حق الفرنسيين (العسكر) في الدفاع عن الفرنسيين (المستعمرين لتونس) في تونس، وعارضه «سي أحمد» بشدّة وكذّبه. وهنا يعيد صاحب المذكرات هذه الحادثة ليرفقها بتفاصيل لم يقلها من قبل فقد «كنت أشتغل في «السيزل» كما هو معروف، عندما جدّت مجزرة تازركة التي اقترفها العساكر المحتلون الفرنسيون، في حق أهالي مدينة تازركة (نابل) وقع تكليفي ضمن لجنة مع نقابي سويسري، لتقصّي الحقائق، وقد حدثتك عن المهمة في حلقة ماضية، ومعلوم أننا أخذنا صورا عن بشاعة المجزرة، وأخرجناها من تونس، وقد استعملناها كتونسيين في الأممالمتحدة، عن طريق صالح بن يوسف (الأمين العام للحزب وكان معه حمادي بدرة، وقد مرّا ببروكسيل باتجاه نيويورك، وقصصت هذا الأمر سابقا.. بل إني عمدت إلى الكلام بحدّة عن المجزرة، وذلك في جريدة بلجيكية.. ومنها جاء ردّ فعل البعض عندما عمدوا إلى اجراء حوار مع «كوهين حذرية» ليقول ما قال من ادعاء.. أسوق هذه الحادثة، حتى أدفع باستغرابي من الذي ادعى أنني يمكن أن أنسّق مع الاسرائيليين.. وهنا لا بدّ وأن أورد هذه الحقائق: كانت عندي علاقات مع كرايسكي (المستشار النمساوي) ومن خلال الاشتراكية الدولية، وكان كرايسكي ضدّ الاسرائيليين الغلاة، وقد قدم لي بعض أدعياء السلام في إسرائيل، وأذكر أنني التقيت عند كرايسكي مؤسّس حركة «السلام الآن» الاسرائيلية (يوري أفنرين» تركنا كرايسكي معا، وعندما ذهب وخرجت، سألني كرايسكي، وكان يرافقني إلى خارج المبنى، وسألني عن رأيي فقلت له لا أرى كيف أكون على خلاف معه، وهو ضدّ ما تفعله إسرائيل في فلسطين.. فهو يؤمن بضرورة أن يصل الشعب الفلسطيني إلى الحرية، وكنت من خلال هذه المقابلة، أنا الذي طلب من «كرايسكي» أن يقابله عرفات فيما بعد.. فهذه القصّة لها دور.. وعندما سأل كرايسكي مؤسس «السلام الآن» عن اللقاء قال له تقريبا نفس الكلام الذي قلته: لا أرى كيف أكون على خلاف مع بن صالح.. عود على بدء، إذا كان هذا الذي ادعى، أن وجود «السيزل» هنا في مؤتمرها، عبر تنسيق مع اسرائيل، إذا كان مؤرخا، فلماذا لم يتصل بي ليسألني، إذا كان بالفعل باحثا في التاريخ؟ سألت «سي أحمد» عن شكل حضوره في مؤتمر «السيزل» الذي تمّ في تونس، وقد أجمع القياديون فيه، على أن يكون بن صالح ناطقا رسميا باسم المؤتمر، فقال حضرت كعضو في المكتب التنفيذي ل«السيزل»، وطلبوا مني أن أكون الناطق الرسمي باسم المؤتمر، وفي تلك الفترة، كان الموعد الأول لذكرى رجوع بورقيبة من المنفى أي غرة جوان 1955، فكان أن حضر وفد مصري رفيع المستوى ليشارك في احياء هذه الذكرى، برئاسة نائب عبد الناصر حسين الشافعي.. فإلى تفاصيل جديدة من ذكريات «سي أحمد بن صالح»