شعارات عديدة رُفعت في الدورة 46 لمهرجان قرطاج الدولي اهمها الثقافة والترفيه والاحتفاء بالمبدع التونسي الى جانب الانفتاح على الثقافات الأخرى. الدورة الجديدة خرجت عن المألوف والسائد فكان القطع مع أبناء روتانا وأشباه الفنانين الذين صالوا وجالوا في ما مضى على ركح المسرح الاثري التليد... هذا الركح أحد أهم رموز هويتنا باعتبار تسمية قرطاج التي سماها المؤرخون الأمريكان واشنطن القديمة.. نعود الى المهرجان لنغوص في العروض المبرمجة وقد بان جليا ان النصيب الاوفر كان «للمبدع التونسي» على حد تعبير الهيئة المديرة ففاز 15 مبدعا بعروض في هذه الدورة لتكون الانطلاقة الاولى مع عرض الحضرة للجزيري يليه عرض للفنانة العائدة نجاة عطية بعنوان «يصطادو» وقد استغربنا لماذا اختارت نجاة عطية هذا العنوان الذي لا يحمل سمة أو روح فنيتين سوى انه عنوان لأغنية جربية!!! نجاة عادت الى قرطاج بألبوم وليست الوحيدة فنبيهة كراولي ستكون حاضرة بعرض لا تخلو تسميته من الغرابة.. اختارت نبيهة عنوان «حل البيبان» ويبدو ان الأبواب فتحت على مصراعيها فقد فازت بعرض على ركح قرطاج بعد سبات دام سنين وذكرت انها ستستدعي عازفين من إسبانيا لعزف اغنية «ماتلزمنيش» وتناست ملحنها احمد الماجري الذي لا يلزمها في العرض.. مقداد السهيلي هو الآخر نال عرضا بعوان «موزيكا»... مقداد «المتقلب فنيا» ان صحّ التعبير فبعد الغناء الوتري هاجر الى كندا وحلق شعره وأبدل اسمه ليصبح «ماكسيلي» ثم ردّد اغاني المزود لينخرط لاحقا في النقابة الفنية ومسيرته الحافلة جعلته ربما يفوز بعرض على ركح قرطاج رمز هويتنا لكن هل يتراجع مقداد عن تصريحاته بعد ان أكرمته الوزارة لما ذكر امام الاعلاميين بأنه ليس فخورا بكونه تونسيا... ربما الأيام القادمة ستفرز تقلبات أخرى كما عهدناها من «ماك سيلي» عفوا مقداد السهيلي. «فوندو 2010» تسمية غريبة لعرض الفنان شكري بوزيان ونستغرب لماذا اختار هذا العنوان... شكري كغيره من الفنانين بعد سبات نال عرضا في الدورة 46 وهناك فنان آخر على نفس المنوال هو أسامة فرحات اختار عنوانا فنيا «وصلة» لكن هل لأسامة نجومية حتى يستطيع ملء ركح المسرح.. صحيح اننا نشجع المبدع التونسي وهذا شعار رفعته الهيئة فهل نجد النجاح الجماهيري لهؤلاء العائدين من سبات عميق وهل قرأت الهيئة حسابا لملء المدارج أم ان جميع هذه العروض ستعزز بالحافلات الصفراء ومنظمات المصائف والجولات..؟ لكن وفي شق آخر للمبدع التونسي فإن النجاح الجماهيري والفني والاستمتاع سنجدها بالفعل مع صابر الرباعي سفير أغنيتنا ومع لطفي المبدع الحق ومع زياد الذي لم يحد عن المبدإ وعما تعلمه من والده المرحوم عم الطاهر غرسة.. العروض الأجنبية في الدورة الحالية ستشهد عديد العروض الأجنبية ومن المؤكد ان النجاح الجماهيري سيكون حافزا ولعل أهم العروض مع النجم العالمي «رامازوتي» وصباح فخري وكاظم الساهر... لكن قد نستغرب في عرض «للسحر او للسيرك» في هذه الدورة رغم انهما من أنواع الفنون.. وما يحسب للدورة انها سعت الى أن تختزل ثقافات العالم على ركحنا قرطاج فكانت العروض من كل أصقاع العالم حتى نتمتع ونتعرف على الآخر دون ان ننغلق على أنفسنا.. يبقى ان نشير الى أن هذه الدورة لقيت الاستحسان لبعض العروض وخاصة الأجنبية وحتى التونسية منها تكريم الراحل محمد الجموسي والمبدعين القادرين على تحقيق النجاح الجماهيري والفني.. الا ان بعض العروض المدرجة والتي اشرنا إليها سابقا قد تحصد النجاح الفني لكن ماذا عن النجاح الجماهيري؟