تأتي زيارة الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد إلى تونس، لدفع العلاقات الثنائية الممتازة بين البلدين الشقيقين، ولتتويج مسار كامل من إرادة تحدو الطرفين حتى تصبح العلاقات بينهما جسرا لواقع عربي، قوامه سياسيا تجذير القرار الوطني المستقل اقتصاديا وتدعيم العلاقات المالية والتجارية بين البلدان العربية. والزيارة المذكورة هي إضافة إلى هذا كلّه، عبارة عن محطّة تتجسّد فيها مرة أخرى العلاقات التاريخية العميقة التي تربط الشعبين منذ العهود الفينيقية القديمة. وهي علاقات لم تنقطع البتة منذ ذلك التاريخ، بل هي كانت خلال كلّ حقبة تاريخية جديدة، تتجدّد وتزداد لحمة وارتباطا. وبين تونس وسوريا اهتمامات مشتركة وهواجس واحدة في دعم القضايا العربية وأولها بطبيعة الحال القضية الفلسطينية، أو في تنقية الأجواء العربية، وتجاوز الخلافات، وحماية التضامن العربي من كل شائبة. ولا شك ان هذه الزيارة سوف تفتح آفاقا كبيرة أمام الشراكة الاقتصادية بين البلدين، خصوصا ان تونس وسوريا ترتبطان بأكثر من 150 اتفاقية، شهدت السنة الحالية منها التوقيع على 6 اتفاقيات وبروتوكولات ومذكرة تفاهم، وبرنامج خاص بالتعاون في مجالات عديدة منها العلمية والتربوية والتجارية، وذلك كتتويج لعمل الدورة الحادية عشرة للجنة العليا المشتركة والتي تمّ عقدها في تونس خلال شهر ماي الفارط. وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين القطرين أكثر من 37 مليون دينار خلال سنة 2009 وهو ما لا يتناسب حسب تقييم المسؤولين في البلدين مع المتوفّر من امكانيات التعاون بينهما. لذلك ينتظر أن تكون هذه الزيارة فاتحة لعلاقات أقوى بين تونس وسوريا في الميدان الاقتصادي. ان العلاقات التونسية السورية تحت قيادة الرئيسين زين العابدين بن علي، وبشار الأسد، علاقات تحكمها العقلانية، والرغبة المشتركة في التطوير، والاحترام المتبادل بين الزعيمين الكبيرين، لذلك هي مرشحة لتطور كبير، وما هذه الزيارة إلا ايذانا بتدشين مرحلة جديدة، لعلاقات تاريخية متميزة.