بين يدي رسالة محيرة قادمة من مراسلنا في القصرين، ومأتى الحيرة لا يتعلق بمضمون الرسالة بل بشكلها فحسب الاختام التي توشح وجه الظرف وقفاه فإن وصول الرسالة استغرق 5 أيام اي انها كانت تقطع مسافة 60 كيلومترا في اليوم بما أن المسافة الفاصلة بين العاصمة والقصرين لا تتجاوز 300 كيلومتر. يحسب هذا «الانجاز» للبريد التونسي لو اتضح انه يستعمل السلاحف في نقل الرسائل من مدينة الى اخرى. ومع هذا فمن غير المقبول أن يفتخر بانجازه اذا صحت فرضيتنا لأنه ليس مجبرا على استعمال السلاحف. فلو اعتمد مثلا سيارة عادية تسير بمعدل 100 كيلومتر في الساعة (وهي سرعة متوسطة اليوم) لاختصر مدة الخمسة ايام في ثلاث ساعات فقط. ولو كان اعتماد السيارة مستعصيا فما المانع من استعمال الدواب الاسرع في كل الحالات من السلاحف؟ نترك هذا السؤال المحير لنتوسع ثانية في المعادلات الرياضية فالقول ان رسالة تحتاج الى 5 أيام حتى تقطع مسافة 300 كيلومتر في الساعة يعني أنها تقطع مسافة كيولمترين ونصف في الساعة أي اقل بكثير من المسافة التي يقطعها احدنا في تجوله. فلولا مراعاتنا عنصر التعب لالتمسنا من مراسلنا ان يأتينا برسالته مترجلا حفاظا على الوقت. أتوقع في النهاية ان يتهمني البعض بالكذب او بالمبالغة ولهذا قررت الاحتفاظ بظرف الرسالة اي بشكلها فقط دون مضمونها لانه بعد الاعتذار لزميلنا المراسل لم يعد صالحا لفوات الوقت.