واجه النادي الإفريقي خلال الصائفة الماضية مشاكل عديدة ومحنا كثيرة ومتنوعة ناتجة عن النتائج المخيبة لأمال الجماهير في كل الفروع (كرة القدم والسلة واليد...) وجل الأصناف مما جعل الأزمة تدرك ذروتها وتتخطى حدود التعبئة والتعتيم والتكتم. المعروف أن الأزمة تجعل الوعي أشد والرؤية أوضح ودرجة الانتباه أرفع لم يكن من المكن مواجهتها بأساليب ترقيعية وطرق تجميلية وتصريحات «تنويمية» لتغطية الخدوش والندوب والجروح لذلك تعالت أصوات تدعو بإلحاح الى حلول جذرية لإنقاذ الجمعية من سائر ضروب السلبية والتسرّع والفوضى والتهاون وعدم الإكتراث... هذه الأصوات بحثت طويلا عما يسمى برجل المرحلة ونادت بتعيين أو انتخاب رئيس جمعية يملك كفاءات ثلاث ثروة مالية هائلة لتسديد الديون وخلاص الأجور وتيسير عمليات الإنتداب وصوت قوي نافذ يحفظ حرمة الجمعية ويحميها من المظالم الشبيهة بملابسات إقصاء الإفريقي من رابطة الأبطال ضد إينيمبا وشبيبة القبايل ورؤية علمية شاملة مستقبلية متبصرة ترقى بالجمعية الى مستوى المؤسسات المنظمة ذات البرامج الدقيقة. هذه الأصوات بدأت عفوية اكتنفتها بعض المقاهي والمواقع الإلكترونية على غرار «الفايس بوك» ثم سرعان ما تحولت الى حركة منظمة تزعمها محامون ومهندسون وأساتذة تضاعف عددهم بسرعة الى أن تخطوا المائة والخمسين وكوّنوا هيئة للدفاع عن مصالح الإفريقي عارضت تعيين السيد شريف بالأمين هذا الموقف لا يعد في ذاته بدعة أو سابقة أو خروجا عن المألوف فلطالما تصدت فئات من الجماهير وخلايا الأحباء لعديد المسيرين واعترضت عن تعيين بعض المسؤولين بل إن الجماهير في كثير من الجمعيات كانت لها الكلمة الفصل في كثير من التعيينات الإدارية أو الفنية رغم أنها تعتمد أحيانا طرقا مبتذلة تخرج عن الأخلاق الرياضية كالسب والشتم والتشهير... هذا أمر تعودنا عليه وكدنا نألفه بيد أن تداعيات ما يحصل في النادي الإفريقي تخطت المستويين الإداري والفني لتشمل آخر حصن تتحصن به هذه الجمعية وهو الجمهور أقول هذا لأن نتائج الإفريقي في السنوات الماضية لا تزيد عن نتائج الفرق الصغرى أين هي مما حققه الترجي محليا والنجم والنادي الصفاقسي قاريا. وحده الجمهور إذن كان يمثل منارة شامخة ومعلما رائدا في هذا النادي العريق وحده الجمهور ظل عنوان التفوق والقوة والأنفة والكبرياء. هذا الجمهور دبت فيه منذ أسابيع بل منذ أشهر شرارة التفكك والإنقسام التي تنذر بالخصومات والصدامات والضعف والتلاشي دلت على ذلك عدة مؤشرات. جمهور الإفريقي أربع فئات لم يعد يخفى على أحد مهما حرصنا على الكتمان أن جمهور الإفريقي أصبح يتكون من أربع فئات فئة انسحبت مطلقا من عالم الكرة وهم أشبه ببعض الأحباء القدامى للملعب التونسي ما عادوا يتطلعون حتى الى سماع النتائج من فرط الإحباط والخيبات. وفئة ثانية امتنعت عن اقتناء الإشتراكات ورفضت التحول الى الملعب تعبيرا عن رفضها وامتناعها. وفئة ثالثة قررت مواصلة متابعة مباريات «الجمعية» والتعبير عن الرفض من خلال الأهازيج وبعض الحركات الرمزية كالإلتفات بالظهر الى اللاعبين وفئة رابعة واصلت تشجيعها ومساندتها وتفاعلها وتضحياتها المادية والأدبية متعللة دائما بأن حب الجمعية ثابت لا تزحزحه النتائج وتحركه أسماء المسيرين هذه الفئة تحمل ما يمكن نعته «بالحب الأفلاطوني» الخالي من التطلع الى المصلحة أو الفائدة بل تحول حبهم للجمعية الى ما يشبه الهوية أو العقيدة!. بأي ذنب أغلق منتدى جماهير النادي الإفريقي؟ صدم الآلاف من زوار موقع منتدى جماهير النادي الإفريقي www.al.ifriki.com بنص كتب على الصفحة الأولى على مساحة سوداء في ما يشبه النعي جاء فيه «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بعد اطلاعي على الأحداث الأليمة لمنتدى جماهير النادي الإفريقي بصفتي المسؤول الأول عن منتدى جماهير النادي الإفريقي قرر (الخطأ في التعبير في النص الأصلي) ما يلي مع تحمل نتائجه. أولا تم إغلاق منتدى جماهير النادي الإفريقي حتى إشعار آخر ثانيا حل طاقم الإدارة والإشراف. التوقيع: عمارة لأن هذا الموقع ليس عاديا كما سيتضح من خلال بقية الملف اتصلت «الشروق» بالسيد عبد اللطيف الحداد أحد المشرفين فأفادنا بجملة من المعطيات نظنها مفيدة إذ من شأنها أن ترفع كثيرا من الإلتباسات وتتصدى لكثير من التأويلات، خاصة أن عبارة من قبيل الأحداث الأليمة التي وردت «بيان الغلق» توحي بمصيبة قد حصلت! في البداية أطلعنا السيد عبد اللطيف عن ملابسات انطلاق هذا الموقع إذ شرع في نشاطه في سبتمبر 2006. وهو أول منتدى ناطق بالعربية تابع لهيكل رياضي تونسي... في ظرف وجيز أقبل عليه الزوار وارتفع عدد أعضائه القارين الى 10350 فأصبح الفضاء الأوسع للتلاقي بين أحباء «الجمعية» أما زوّاره فهم بالآلاف يوميا خاصة في أسابيع الذروة من نشاط البطولة. يرى محدثنا أن هذا المنتدى قد مثل «قوة اقتراح للجمعية» لأنه يضم في أعضائه نخبة من الأساتذة والمحامين والأطباء والمهندسين القاطنين في تونس وفي بلدان عديدة عبر القارات... يوفر الموقع لزواره خدمات عديدة واسعة ودقيقة موثقة بالصور ويتابع بانتظام نشاط الأصناف الصغرى حتى يغطي ما هو غائب عن الإعلام الرياضي في تونس. لا ينكر السيد عبد اللطيف الحداد أن هذا الحماس الفياض في سبيل الرقي بالمنتدى جاء رد فعل على ما يأتيه بعض الإعلاميين حسب رأيه من استحقاق بالنادي الإفريقي في المقابل التزم المنتدى بمنتهى الحرفية في التصدي للملاحظات والكتابات التي تحمل شتائم واتهامات أو تهجما على الصحافيين أو المسؤولين على غرار ما يحدث في منتديات أخرى. وأضاف محدثنا أن للمنتدى دور رائد في مساندة المنتخب الوطني حتى في الفترة التي أقصي فيها حسب رأيه لاعبو الإفريقي من المنتخب رغم أحقية بعضهم واجه المنتدى في السنوات الماضية مشاكل عديدة تخطاها فزادته خبرة وحرفية في التعامل مع الأحداث إلا أن الخلاف الذي جد بين الأعضاء حول مساندة الشريف بالأمين من عدمه دفع السيد عمارة الجويني مالك الموقع الى اتخاذ قرار فردي بالغلق هذا مع العلم أن السيد عمارة يقيم بسويسرا ويعمل مهندسا في الإعلامية ويتولى إدارة الموقع السيد بلحسن بن عمارة وهو بدوره مقيم بسويسرا أما المشرفون العامون فهم عبد اللطيف الحداد ومعز الماي ومنصور الحاج علي... في هذا السياق يؤكد محدثنا أن ما قام به مالك الموقع يتنافى مع سنة التشاور التي دأب عليها المنتدى ثم إن ملكيته لا تتعدى الجانب المادي فالمنتدى قد اكتسب عمقا جماهيريا وفكريا ورياضيا يتخطى الملكية المادية لصاحب قرار الغلق وعليه فإن قراره يعتبر متجنيا باطلا. هذه المعطيات أكدت لنا بما لا يدع مجالا للشك أن النادي الإفريقي يواجه محنة جماهيرية إذا لم يقع تداركها في وقت وجيز ستكون العاقبة التفريط في ثروة استثنائية لأن جمهور الإفريقي لم يعد مجرد «سلّة خبز» للأندية كما سميته سابقا إنما هو ظاهرة ثقافية وطنية واسعة من السذاجة التفريط فيها.