قد يكون من السابق لأوانه اليوم الحكم على جملة الإصلاحات التي سيتم إدخالها على المنظومة التربوية، وبالتدرّج، انطلاقا من العام الدراسي الحالي. وإذا كان لا أحد يشك في نبل مقاصد هذا الاصلاح وحرص المسؤولين، بهدي من رئيس الدولة، على تجويد التعليم وتطوير مكتسبات التلميذ وترقية المنظومة التربوية، فإن بعض النقاط التي تمّ إرجاء النظر فيها لإيجاد حلول لها تبدو أكثر أهمية على نظام الدراسة والعلاقات بين مختلف مكوّنات المنظومة، ولعل أبرزها الزمن المدرسي وتحديد «الساعات الجوفاء» التي تضع تلاميذ الاعداديات في تماس خطير مع الشارع بعيدا عن رقابة المدرسة والأولياء. وإذا كان معلوما أن المؤسسات التربوية، ورغم نسق الإحداثات الجديدة، تعاني نقصا في قاعات الدراسة لا يسمح بإنهاء معضلة «الساعات الجوفاء»، فإن التقليص من ساعات الدراسة الأسبوعية لتلاميذ كل الأقسام، والتي يقرّ الجميع بأنها تفوق ما هو معتمد في أغلب بلدان العالم، وتوجيه جداول الأوقات نحو خدمة مصالح التلاميذ قبل الأساتذة، قد تيسّر الوصول الى حلّ مع ضرورة توفير قاعات أو فضاءات للمراجعة تحدّ من انفتاح المؤسسة التربوية على محيطها، وهو انفتاح غير محمود العواقب، وتظهر انعكاساته جلية من خلال توتر العلاقة بين التلاميذ والمدرّسين وأعوان التأطير وتواتر حالات العنف ومظاهر الانحراف داخل الفضاءات التربوية وعلى أعتابها أو مقربة منها. ولا يبدو الحديث عن الزمن المدرسي في علاقة بالزمن العائلي مستساغا وذا أهمية على جودة التعليم واكتساب المهارات والمعارف خاصة في الاعدادي في ظل «استقلالية» التلاميذ عن عائلاتهم وهي استقلالية تصل أحيانا حدّ الاستقالة. إن رهاننا اليوم من أجل ترسيخ مجتمع العلم والمعرفة وصناعة الذكاء وسعينا الى تجويد المنظومة التربوية والارتقاء بآلياتها يفرض علينا التشاور والتوافق لتحديد مكامن الإخلال وسبل الإصلاح وأدواته ومراحله وأولوياته، بما يحقق الأهداف الوطنية، إذ لا أحد يمتلك الحقيقة بمفرده.