يبدو أنه قدّر على المدرب أن يظل قابعا في قفص الاتهام الذي عادة ما نسارع الى وضعه فيه عند الفشل فتكون إقالته الحل المنتظر للاخفاق وإن كان من الطبيعي الاقدام على هذا الاجراء في بعض الاحيان بحكم أننا في زمن «الاحتراف» الذي لا يعترف إلا بالنتائج فإننا قد نصاب بالدهشة والاستغراب عندما يطالعنا قرار إقالة مدرب يتصدر فريقه الترتيب العام للبطولة أو حقق عدة إنجازات وتتويجات مع فريقه. ما جرّنا الى هذا الحديث إقالة المدرب المغربي محمد فاخر من مهمة تدريب النجم الرياضي الساحلي بعد أن هلّل الجميع لقدومه لكونه سيجعل من «نجمة» النجم تشع حياة وقوة وتهتز الارض تحتها ولكن سرعان ما انقلبت الاشادة الى انتقادات لاذعة حتى وإن كانت النتائج إيجابية وهو ما حدث سابقا مع عدة مدربين صلب الترجي والافريقي وبقية الاندية التونسية. «الشروق» تطرقت الى ظاهرة إقالة المدربين المتفوقين والناجحين وحتى المتوّجين في بعض الاحيان فكان التحقيق التالي: أندري ناجي بلغ الدور النهائي للكأس والمرتبة الثانية في البطولة فتمت إقالته؟!! يبدو أن ظاهرة إقالة المدربين في تونس ضاربة في التاريخ بدليل الاقالة التي تعرّض اليها المدرب الشهير أندري ناجي في الثمانينات عندما كان يشرف على حظوظ النادي الافريقي فقد قاد هذا المدرب فريق باب الجديد الى نهائي كأس تونس عام 1985 وخسر الافريقي اللقب بركلات الترجيح أما في سباق البطولة فقد أنهى النادي موسمه في المرتبة الثانية خلف الترجي بفارق نقطة واحدة ومع ذلك فقد تم التخلي عن خدماته بالرغم من اقتناع مسؤولي فريق باب الجديد بأن أندري ناجي أفضل مدرب أجنبي شهدته الكرة التونسية منذ ظهورها الى الوجود؟!! الأمر نفسه تكرّر مع أحمد الزيتوني!!! أشرف المدرب أحمد الزيتوني على حظوظ النادي الافريقي خلال موسم 1985 1986 وقاد الفريق الى بلوغ الدور النهائي لكأس تونس واحتل الافريقي خلال ذلك الموسم المرتبة الثالثة ومع ذلك فقد تمت إقالة هذا المدرب ليتكرر بذلك السيناريو نفسه الذي حدث مع أندري ناجي وقد تحدث الزيتوني ل«الشروق» عن تلك الحادثة الغريبة قائلا: «لقد اتفقت آنذاك مع مسؤولي النادي على تكوين فريق جيد خلال ثلاث سنوات ولكن سرعان ما تراجع مسؤولو النادي عن وعودهم بالرغم من النتائج الايجابية التي حققتها آنذاك مع النادي وهي في اعتقادي ظاهرة غريبة جدا وغير مبررة ولكن في ظل غياب أخلاقيات التعامل بين المسؤولين والمدربين يصبح كل شيء جائز الوقوع خاصة إذا استسلم مسؤولو الاندية لرغبات الشارع الرياضي». خالد بن يحيى وجزاء سنمار من منا لا يعرف ما حدث لذلك الرجل الذي يدعى سنمار الذي بنى قصرا وعندما أحكم البناء بعد 20 عاما وقع رميه من أعلى نقطة موجودة في ذلك القصر!!! لن نبالغ إذا قلنا إن الامر نفسه حدث مع خالد بن يحيى الذي تقمص ألوان الاصفر والاحمر لمدة 20 عاما أيضا شكل خلالها صخرة دفاع فريق باب سويقة وبعد اقتحامه لعالم التدريب كان من الطبيعي أن يكون الاجدر بتدريب فريقه الأم ومثلما تألق بن يحيى كلاعب فقد تألق أيضا كمدرب وقاد الاصفر والاحمر الى الفوز بالثنائي خلال موسم 2005 2006 ولكن سرعان ما وقع التخلي عنه مع بداية الموسم الموالي ليتعرض بذلك الى نفس الجزاء الذي واجهه سنمّار!!! «الشروق» تحدثت الى خالد بن يحيى عن هذه الظاهرة فقال: «أظن أن الشارع الرياضي في تونس تعرض الى الكثير من المغالطات فلم يعد بإمكانه معرفة الغث من السمين بالنسبة للمدربين بعد أن اختلط الحابل بالنابل في هذا الميدان وبالنسبة لظاهرة إقالة المدربين بالرغم من نجاحهم فأعتقد أن الموضوع شائك للغاية ومع ذلك يمكن تقديم جملة من الاسباب لعل أهمها الضغوطات التي يتعرض اليها رئيس النادي خاصة إذا استسلم الى همزات بعض المتطفلين الموجودين حوله أو صلب هيئته المديرة وذلك لأنه لديهم رؤية معينة أو لغاية في نفس يعقوب!!! ولعل ما زاد الطين بلّة تلك الفئة من المحللين الفنيين التي غالطت الرأي العام الرياضي التونسي وجانبت الصواب وإنني أدعو هؤلاء الى الكشف عن سيرتهم الكروية وعندها سيكتشف الشارع الرياضي إفلاسهم وهم أنفسهم يتحملون تفريط المنتخب الوطني التونسي في خدمات المدرب روجي لومار الذي نجح على رأس فريقنا الوطني». اللّيلي ضحية أخرى... لاحقت هذه الظاهرة الغريبة أيضا المدرب شهاب الليلي نهاية موسم 2006 2007 فبعد إحرازه مع فريق الملعب الڤابسي على المرتبة الاولى في الرابطة الثانية وحقق معه حلم الصعود الذي غاب عن الملعب الڤابسي عدة سنوات رفضت هيئة النادي تجديد عقده ليواصل المشوار على رأس الفريق. تحدث الليلي عن هذه الظاهرة فقال: «نعم لقد كانت حادثة غريبة جدا إذ كيف يعقل التخلي عن خدمات مدرب ما طالما أنه حقق نتائج إيجابية بل الأدهى والأمر أن يتم تقديم جملة من التصنيفات للمدربين: مدرب ألقاب وآخر خاص بالطوارئ ومدرب ثالث مختص في التكوين؟!! أما عن أسباب هذه الظاهرة فأعتقد أن المستشارين الموجودين بالقرب من رئيس النادي لهم دور حاسم في حدوث مثل هذه الاقالات الغريبة وغير المنطقية والسبب الثاني قد يتعلق بعلاقة المدرب بإدارة النادي أما السبب الثالث فقد يكون بسبب بعض اللاعبين خاصة اذا كانوا من اللاعبين المؤثرين وأصحاب النفوذ المعنوي داخل الفريق!!! وأظن أن مثل هذه الاقالات لا يمكنها أن تكون صائبة إلا بنسبة 1٪ وذلك اذا اعتبرنا وجود أخطاء منهجية على مستوى التدريبات مثلا أو أن يقوم أحد المدربين بجني الثمار التي زرعها مدرب آخر ثم سرعان ما يقع اكتشاف هذا الامر في فترة لاحقة». قائمة طويلة لاحقت ظاهرة إقالة المدربين بالرغم من نجاحهم وتألقهم العديد من الاسماء على غرار المدرب البرتغالي دي مورايس الذي غادر الترجي خلال موسم 2008 2009 بالرغم من أن الترجي كان يتصدر الترتيب العام للبطولة!! والامر نفسه حدث مع البرازيلي كابرال الذي أجمع الترجيون على أنه قادر على تكوين فريق عتيد آنذاك ولكن تجاهله للنجم الاول للفريق أسامة الدراجي عجّل برحيله عن حديقة المرحوم حسان بلخوجة. وطالت هذه الظاهرة أيضا المدرب التاريخي للنادي الافريقي سابقا «بلاتشي» الذي ساهم في تحقيق رباعية تاريخية صلب الفريق خلال موسم 1991 1992 لكنه مع ذلك لم يواصل المشوار مع النادي الافريقي، وبالامس القريب تمت أيضا إقالة العربي الزواوي بالرغم من النتائج الباهرة التي حققها صلب النادي البنزرتي (المرتبة الرابعة في البطولة الوطنية). إقالة فاخر... وتبريرات النجم شكلت إقالة المدرب المغربي محمد فاخر صدمة حقيقية بحكم أن النجم يحتل المرتبة الاولى الى حد هذه اللحظة ومع ذلك فإن هيئة النجم بررت موقفها هذا، حيث تحدثنا الى السيد شكري العميري فقال: «أعتقد أن الفرق الكبرى عادة ما تسطر أهدافا رياضية معينة لذلك لم يكن بالامكان أن نكتفي بالحديث عن النتائج الايجابية فحسب بل قمنا بعملية متابعة للتمارين وطريقة العمل وعدة تفاصيل دقيقة وذلك استنادا الى الفنيين والقدماء والمدرب المساعد والمسؤول عن الانتدابات ولا ننسى أن رئيس الفريق أيضا لاعب دولي سابق وبالتالي كان بإمكاننا تقييم عمل المدرب المغربي وسارعنا باتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب بحكم أنه تزامن مع فترة الراحة التي تركن اليها البطولة. يذكر أننا لم نلاحظ النسق التصاعدي الذي كنا ننتظر مشاهدته بعد مرور عدة جولات من سباق البطولة وهو ما لم يحدث»... ... وللبطولات العربية نصيب لم يكن بإمكان هذه الظاهرة أن تقتصر على البطولة التونسية حيث سجلنا حدوثها أيضا صلب الاهلي المصري عندما قام بالتخلي عن مدربه وصانع إنجازاته البرتغالي مانويل خوزي بالرغم من أنه حصد مع الفريق 19 لقبا؟!! وحدث الامر نفسه في المغرب مع المدرب التونسي فريد شوشان والبرازيلي سانطوس على رأس الوداد البيضاوي حيث حدثت القطيعة بالرغم من أن الفريق المغربي يحتل المرتبة الأولى؟!!