جلسات نسائية وحلقات مغلقة هنا وهناك، بصالونات الحلاقة، بأنهج الاحياء الشعبية، بأسطح المنازل وبالحمامات تصادفك مجموعات نسائية منسجمة وغارقة في أحاديث لا تنتهي. البعض يرى أنها جلسات نميمة بالدرجة الاولى والبعض الآخر يصنفها ضمن قائمة وسائل الترفيه لدى المرأة خاصة اذا كانت لا تستطيع الخروج الى الاماكن العامة المخصصة للغرض ذاته. ولاستجلاء الامر والبحث في تفاصيل فحوى هذه الجلسات و»القعدات» النسائية تسللنا الى البعض منها واسترقنا السمع الى الاحاديث الدائرة أثناءها فخرجنا بحكايات وقصص تنطوي على الكثير من الطرافة والظرف والغرابة أحيانا. صالونات الحلاقة من أكثر الاماكن التي تستهوي النساء ويستطيب لهن فيها الاجتماعات والاسترسال في الاحاديث الشيقة، سألن السيدة روضة عن مختلف المواضيع التي تطرق اليها النسوة أثناء «قعداتهم» المطولة فأجابتنا أنها أحاديث مواضيع متنوعة وتقول لا أخفي سراحين أقول ان ثلاثة أرباع هذا الحديث يتمحور حول النميمة و»التقطيع والترييش» وهو كذلك مصدر هام للتزود بالجديد الطارئ على حياة كل حريفة باعتبار أن الكل يقصد هذا المكان للفضفضة والشكوى من الهموم المتراكمة على صدر كل واحدة منهن.* نميمة ولغو تجتمع نسوة الحي كل مساء بمنزل احدى الجارات وتجلب كل واحدة منهن معها ما تيسر من الفواكه الجافة وتقوم الجارة المضيفة بطبخ الشاي أو القهوة وعندما يكتمل نصاب المجموعة ويحضر المشروب تنطلق جلسات النميمة واللغو وتقر السيدة «ح» أنها وجاراتها يجتمعن لمعرفة آخر الاخبار والشروع في تحليل ودراسة سلوك هذه وانتقاد سلوك تلك وكأنهن نصبن قضاة على شؤون الخلق وتضيف السيدة «ح» انها سمعت الكثير عن مثل هذه «القعدات» النسائية المسائية عن طريق جارتها وقد وصفت لها الاجواء بطريقة مغرية مؤكدة لها أنها جلسات خالية من «التقطيع والترييش» ومركزة على كل ما من شأنه أن يدخل البهجة على قلوب الحاضرات بفضل تبادل النكات والطرائف والاخبار المضحكة إلا أنها اكتشفت أن هذه اللمات ما هي إلا اجتماعات نميمة لا غير. «ف» تذهب في السياق ذاته وتؤكد أن نساء الحي الشعبي التي تقطن به لا يجتمعن إلا للحديث عن أعراض الناس والحديث عن تفاصيل حياتهن الخاصة. ** حب وزواج للفتيات العازبات اجتماعات وحكايات لا تنتهي فتصادفك مجموعة من الفتيات مجتمعات باحدى غرف المبيت الجامعي فيدفع الفضول الى معرفة ما يدور بينهن خاصة اذا ما رأيت الفرحة بادية على وجوههن وضحكاتهن تعلو المكان وتملؤه حبورا ولن تستغرب اذا عرفت فحوى الحديث فإنه متمحور ومتمركز على موضوع الحب والزواج وما أدراك ما الحب والزواج فهؤلاء الفتيات لن يعرفن اهتماما لسلوك هذه أو تلك وإنما همهن هو الحديث عن المحبوب وتخيّل السعادة المرتقبة معه بعد الزواج. وترى نسيمة أن 90 من حديث الفتيات هو روايات عن مغامرتهن مع المحبوب والتعبير عن رغبتهن في الزواج في أقرب الآجال حتى يضمن الاستقرار ويتخلّصن من الحل والترحال الذي يكاد لا ينتهي خلال دراستهن الجامعية خاصة. سناء تقر أن الحب والزواج هو سيد المواضيع المطروحة للنقاش بين الفتيات إلا أن المستقبل العملي وآفاق الدراسة والنقاش في أوضاع العمل والاسرة أما هويدة فقد جزمت أن أكثر من 40 من حديث الفتيات يتمحور حول الموضة والمكياج والحب والزواج ونادرا ما يخرج عن هذا الاطار للحديث عن مشاكل ومشاغل الحياة اليومية كالسكن والعمل. ** تبادل الخبرات هناك شقا آخر من النساء اللائي يجتمعن للتباحث في أمورهن الخاصة وعادة ما تكن مجموعة من الصديقات حيث تسعى كل واحدة منهن للتشاور مع الاخريات وطلب نصيحتهن في مشكل عائلي أو عمل جديد يعرض على إحداهن. وتوضح السيدة «ف» أنها لا تجتمع بصديقاتها للحديث عن أعراض الناس والنميمة كما هو شائع وإنما لطلب النصيحة والتشاور والاخذ بتجارب الاخريات. وتردف السيدة «ن» قائلة لا يمكن أن أنكر إن اللمات النسائية متهمة بالحديث من مواضيع تافهة ولا فائدة منها إلا أن هذه الحقيقة لا يمكن تعميمها لان هناك استثناءات كثيرة أصبحت موجودة لاسيما بعد خروج المرأة للعمل وتحملها للعديد من المسؤوليات الجديدة التي تمنعها من النزول الى صغائر الامور كالحديث في أعراض الناس وشؤونهم الخاصة وبالتالي خلق مواضيع جديدة تتمثل بالاساس في النقاشات المتعلقة بموضوع العمل والبحث عن كيفية مواجهة بعض المشاكل المطروحة أمامهن.