أحرز الفليم الوثائقي التونسي «أبو القاسم الشابي» للمخرجة التونسية هاجر بن نصر، على الجائزة الكبرى للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي في دورته الثانية بمدينة خريبڤة, من بين 12 فيلما وثائقيا، تبارت في اطار المسابقة الرسمية التي اختتمت فعالياتها مساء السبت 23 أكتوبر 2010. كما نال الفيلم نفسه جائزة لجنة التحكيم الخاصة بالنقد, التي تحمل هذه السنة اسم الناقد السينمائي المغربي الراحل نور الدين كشطي, وذلك لأسلوبه السردي الروائي الذي تناولت فيه مخرجته، في 40 دقيقة، الظروف التي عاشها الشابي لاسيما في بداية الثلاثينات من القرن العشرين التي شكلت منعطفا حاسما في تاريخ تونس المعاصر، وكان للشابي خلالها دور كبير في الدعوة الى التحديث والتجديد، كما وظفت المخرجة الى جانب الموسيقى الكلاسيكية أغاني مستوحاة من قصائد الشاعر من أداء ماجدة الرومي، لإبراز أهم أثاره وأعماله. كما استخدمت هاجر تقنية الكاميرا الثابتة لتصوير عشقه للطبيعة والمرأة والحياة، مع الاشارة الى أن الشريط تم تصويره بكل الأماكن التي عاش فيها الشابي طفولته وشبابه عبر البلاد التونسية جنوبا وشمالا، معتمدة على الوثائق التاريخية والصور الفوتوغرافية، وشهادات لبعض الأدباء الذين نوهوا بالحس الشعري والجمالي المرهف للشاعر. ورغم ان اختيارات بن نصر السينمائية ليست تجارية، ولا يمكن ان تدرّ عليها أرباحا وافرة، فإنها شددت في الندوة لمناقشة فيلمها على ان اختيارها للأفلام الوثائقية الموثقة للأعلام التونسية والعربية، مسار لن تحيد عنه أبدا، معتبرة في هذا السياق ان تونس بلد معطاء، أنجبت الكثير من العلماء، وان رسالتها هي التوثيق لهم، دون انتظار تكريم أو نحوه، مؤكدة أنها حاليا بصدد وصنع اللمسات الاخيرة لفيلمها الجديد عن الطاهر الحداد، مشيرة الى أنها ستهتم في ما بعد بمحمد الفاضل بن عاشور. فيما عادت جائزة لجنة تحكيم المسابقة الرسمية التي يرأسها المخرج المغربي محمد بالحاج، من الجزيرة الوثائقية، للشاب المغربي علي بنجلون الذي حاول في فيلمه «مسار اللاجئين» (52 دقيقة)، معالجة احدى القضايا الانسانية التي كشف من خلالها النقاب عن معاناة انسانية لشريحة حطت الرحال بالمغرب للحصول على صفة لاجئ بعدما عاشوا أنواع النهب والاغتصاب قبل الوصول الى المغرب هروبا من أوضاعها المزرية الناجمة أساسا عن الفقر أو ويلات الحروب. أما جائزة الإخراج فكانت من نصيب المخرجة اللبنانية إليان الراهب حيث تطرقت في أطوار فيلمها «هايدا لبنان» (58 دقيقة), إلى الصراعات الطائفية التي يشهدها لبنان، وسعت من خلال وقوفها عند مجموعة من المراحل التاريخية الى الكشف عن حقيقة الوضع المتدهور الذي أفرزته الحرب الأهلية. يذكر أن برنامج هذه الدورة، تضمن تكريم سوريا باعتبارها ضيفة شرف هذا العام والمخرج المغربي محمد بلحاج والمخرج السوري ريمون بطرس, فضلا عن تنظيم ندوة علمية حول «صورة العرب في الفيلم الوثائقي الأجنبي.. نحو تقارب حضاري بين الشعوب» وأخرى تهم تجربة الجزيرة الوثائقية.