لمّا كان إصلاح النظام التربوي الخط الغالب على عملية اصلاح شؤون المجتمع كلّه بحكم موقع المدرسة في كل مسيرة حضارية وتنموية تعي شروط تحقيق طموحاتها كان من الضروري أن يقوم ذلك الاصلاح على مبدإ الجمع بين مقتضيات تكوين الذات العارفة الواعية، فلقد عرف النظام التربوي بتونس خلال السنوات القليلة الماضية عدة تحويرات لعلّ أهمها الاصلاح التربوي الجديد من خلال الخطة التنفيذية لمدرسة الغد (2002 2007)، وأهم التوجهات الكبرى لهذا الاصلاح التربوي هو تطوير البرامج ومناهج التدريس والوسائل التعليمية الى جانب إجراءات بيداغوجية تتعلق بعملية التعلّم بكافة مكوّناتها. إلا أن واقع المدارس الأساسية بأرياف ولاية جندوبة يطرح معضلة أرّقت المربّي والوليّ والتلميذ وانعكست نتائجها سلبا في مرحلة الاعدادي خاصة، وهي ظاهرة نظام الفرق والذي نعني به تواجد مستويين في نفس القسم (أولى وثانية مثلا) لدراسة خاصة مادة الفرنسية. وقد تذمّر من هذه الظاهرة الأولياء والذين لاحظوا تدنّي مستوى أبنائهم وعدم استيعاب المواد المدروسة بكيفية جيدة واستغربوا من مدى توفيق المربّي بين مستويين في نفس الوقت. من سلبيات ظاهرة أقسام الفرق أن التلميذ لا ينتفع بوقته القانوني الكامل بالفصل لأن عمل المدرس سيكون موزعا بين أكثر من مستوى الى جانب البعد الشاسع بين برامج الأقسام الأمر الذي يُرهق المربّي وبالتالي يكون مردوده غير منتظم: ظاهرة أقسام الفرق متفشية في معظم الأرياف بتعلّة عدم توفر النّصاب الكامل من التلاميذ في الفصل الواحد لذلك وقع الالتجاء الى جمع مستويين في فصل واحد، سلبيات هذه الظاهرة تجلّت نتائجها بالمدارس الاعدادية ثم في مرحلة متقدمة خلال السنوات الرابعة وخاصة أثناء الامتحان الوطني للبكالوريا، فمعدلات الفرنسية ضعيفة جدا وينفر معظم التلاميذ من هذه المادة ودراستها، المربّون الذين تحدثنا إليهم عبّروا لنا عن استيائهم من هذه الظاهرة المتواجدة بأكثر من 10 مدارس ابتدائية والمقتصرة بالخصوص على مدارس ولاية جندوبة.